في الوقت الذي يعيش فيه ملايين اليمنيين، جراء حرب مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، التي اشعلتها قبل أكثر من عشر سنوات، على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية، صدرت تحذيرات دولية جديدة، من تفاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي.
واكدت تقارير دولية حديثة، أن استمرار الحرب الحوثية، قد يؤدي إلى تصاعد جديد في نسب الفقر، وتحويل اليمن من أفقر بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أكثر البلدان فقراً في جميع أنحاء العالم.
وكشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) عن أن اليمن لا يزال يعاني من مستويات مرتفعة من الفقر متعدد الأبعاد، مؤكدة عدم إحراز أي تقدم يُذكر في الحد من هذه الظاهرة خلال العقد الماضي، وذلك نتيجة استمرار الحرب وتأثيراتها الكارثية.
وأكّدت اللجنة الاقتصادية الأممية، في تقرير حديث، أن اليمن يأتي ضمن قائمة البلدان العربية الثلاثة الأقل نموّاً إلى جانب موريتانيا وجزر القمر؛ حيث تستمر معدلات الفقر متعدد الأبعاد مرتفعة، رغم بعض التقدم الملحوظ في دول أخرى خلال الفترة بين 2013 و2023.
طوارئ إنسانية مدمرة
ووفق تقرير «الإسكوا»، فقد تراوحت نسبة الفقر متعدد الأبعاد في اليمن بين 37 و38 في المائة، في حين ظلّت شدة الفقر تتجاوز 50 في المائة، ما يعكس عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها السكان، نتيجة انقلاب وحرب مليشيات الحوثي.
كما أدّت الحرب المستمرة منذ 2015، حسب التقرير، إلى إعاقة التنمية وحدوث حالة طوارئ إنسانية مدمرة، بالإضافة إلى تسببها في نزوح أعداد كبيرة من الأسر في اليمن، وتعطيل سلال الغذاء، بالإضافة إلى تدمير البنى الحيوية.
مؤشر خطير على الانهيار الاقتصادي
على صلة بالتحذيرات من خطر التدهور الاقتصادي، قال البنك الدولي إن اليمن يُعد من بين أكثر 8 دول عربية هشاشة نتيجة الصراعات المستمرة، كاشفاً عن انخفاض الناتج الاقتصادي للفرد بمعدل 1.8 في المائة سنوياً منذ اندلاع الحرب، في مؤشر خطير على الانهيار الاقتصادي والمعيشي المتواصل.
ووفق ما جاء في دراسة حديثة للبنك الدولي شملت 39 دولة حول العالم، من بينها اليمن، حذّرت من أن الدول المتأثرة بالصراعات، مثل اليمن، تُواجه تحديات طويلة الأمد تُهدد مستقبل أجيال كاملة.
وأكدت الدراسة الدولية أن اليمن لا يزال يعاني من تدهور البنية التحتية، وانخفاض مستويات التعليم. موضحة أن متوسط سنوات التعليم في هذه الدول، بما فيها اليمن، لا يتجاوز 6 سنوات، أي أقل بثلاث سنوات مقارنة بنظرائهم في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
وشهدت الدول التي تعاني من النزاعات، منها اليمن، انخفاضاً تراكمياً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20 في المائة خلال 5 سنوات من بداية الصراع. كما أن ارتفاع وتيرة الصراعات يؤدي إلى تفاقم أزمة الجوع في هذه المناطق.
وأكد البنك الدولي أن متوسط العمر المتوقع في هذه الدول أقل بخمس سنوات، وأن معدل وفيات الرضع يبلغ ضعف نظيره في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، في دلالة واضحة على خطورة الوضع الصحي والإنساني المتفاقم في البلاد.
إنعدام الأمن الغذائي
وحذّرت الدراسة من أن استمرار الصراعات في هذه الدول يُسرّع من تفشي الجوع وانعدام الأمن الغذائي الحاد، لافتة إلى أن 18 في المائة من سكان الدول المتأثرة بالنزاع يعانون من مجاعة شديدة، مقارنة بنسبة 1في المائة فقط في الدول الأخرى ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
ظروف مأساوية
في السياق نفسه، حذَّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من أن اليمن يقف على حافة كارثة إنسانية قد تتحوّل إلى مجاعة واسعة النطاق خلال الأشهر المقبلة، في حال عدم توفر الدعم اللازم لاستمرار التدخلات الإنسانية المنقذة للحياة.
وأكد المكتب الأممي، في بيان حديث، أن الملايين في اليمن يواجهون مستويات مأساوية من الجوع الحاد، في ظل انهيار متواصل في الأمن الغذائي، لافتاً إلى أن نحو نصف سكان البلاد باتوا غير قادرين على تلبية أبسط احتياجاتهم الأساسية.
وأشار إلى أن الوضع قد يتفاقم بشكل أكبر في اليمن خلال العام المقبل، في حين تتركز معظم المعاناة التي يكابدها السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الإرهابية؛ حيث يعيش فيها نحو 4 ملايين شخص في ظروف غذائية مأساوية.