تواصل مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، منذ انقلابها على السلطة والنظام الجمهوري في اليمن، نهاية 2014م، حربها الوحشية التي تستهدف من خلالها كافة المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية، في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ومناطق أخرى تم تحريرها من قبل قوات الجيش، تارةً بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف والتحويل لمخازن أسلحة وثكنات عسكرية.
واستهدافت مليشيات الحوثي، منذ انقلابها، آلاف المَعالم والمواقع الأثرية والتاريخية، بالتدمير والنهب والقصف والتحويل لثكنات عسكرية.
وظهرت آلة التدمير والتفجير الحوثية، بشكل علني وواضح ضد الموروث اليمني، عقب الانقلاب، بدعم ومشاركة إيرانية، للقضاء على ذاكرة المجتمع اليمني والعربي على حد سواء.
ومن المعالم والمواقع التي طالها عبث وتفجير الميليشيات، على سبيل المثال، بحسب مسؤولين محليين، قلعة القاهرة الأثرية في مدينة تعز، ودار الحجر بهمدان، وجرف أسعد الكامل بإب، وموقع صبر الأثري بلحج، وسرداب تاريخي بالبيضاء، وحي القاسمي بصنعاء القديمة، و7 مدن تاريخية إلى جانب براقش وقرناو بالجوف، ومساجد ومعالم زبيد وحيس ومنارة (عك) في تهامة بالحديدة، وسد مأرب بمأرب، وصيرة بعدن قبل تطهيرهما من براثن الميليشيات.
وبالتوازي مع حملات الميليشيات الممنهجة ضد تاريخ وحضارة اليمن نفذت الجماعة حملات نهب وتشويه واسعة ضد عدد من المتاحف، أبرزها المتحفان الوطني والحربي بصنعاء، وهما من أقدم المتاحف على مستوى اليمن والجزيرة العربية.
حفر عشوائي ونهب واسع
وخلال الأيام الماضية، تعرضت عشرات المواقع الأثرية في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) لعمليات حفر عشوائي ونهب واسع، وسط اتهامات محلية بوقوف عصابات على ارتباط بقادة في جماعة الحوثي، وراء سرقة الآثار وتهريبها إلى الخارج.
وأكدت مصادر مطلعة في إب، لـ«الشرق الأوسط»، أن مواقع أثرية عدة في مركز المحافظة ومديريات أخرى لا تزال حتى اللحظة عُرضة لعمليات تجريف وحفر عشوائيين على يد ما تُعرف بـ«عصابات الآثار»، بحثاً عن آثار ونقوش قديمة، في ظل صمت الجماعة الحوثية، واتهامات لها برعاية هذه العمليات والوقوف خلفها.
وتعرّض موقع «العصيبية» بجبل عصام الأثري، الواقع في مديرية السدة، شرقي المحافظة، قبل أيام، لاعتداء جديد هو الثالث من نوعه خلال أشهر قليلة، بالحفر والتنقيب الليلي من قبل عصابات متخصصة في سرقة الآثار.
وأوضحت المصادر أن العصابة، التي تحمل السلاح تحسباً لأي اعتراض لممارساتها، نفذت، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي، عملية تعدٍّ ونبش عشوائي في موقع العصيبية؛ بحثاً عن آثار وكنوز.
ونتيجة محاولة أهالي المنطقة إيقاف ذلك العبث، اندلعت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة بينهم وبين أفراد العصابة، دون أي تدخل من طرف الجماعة الحوثية، ولم تمنع محاولات الأهالي العصابة المكونة من 8 مسلحين، من الاستمرار في عمليات التجريف والتنقيب غير القانونيين.
وبحسب المصادر، فإن العصابة تكثف عمليات البحث والتنقيب في عدد من المناطق دون رادع.
اعتداءات برعاية حوثية
قبل هذه الواقعة بأيام، اعتدى مجهولون على موقع «ذي الصولع» بالقرب من مدينة ظفار التاريخية المعروفة شمال شرقي المحافظة، وطبقاً لشهود عيان، فإن مجهولين باشروا عمليات الحفر في محيط مبنى أثري يحتوي على نقوش باللغة اليمنية القديمة.
ورجح شهود العيان أن هؤلاء الذين يُعتقد أن لهم ارتباطات بقيادات حوثية، يسعون إلى سرقة النقوش المسندية التي يعود بعضها إلى ممالك يمنية قديمة، بغية تهريبها لخارج البلاد حيث تباع في مزادات عالمية.
وكشفت المصادر عن حدوث نحو 10 عمليات اعتداء وتنقيب عشوائي لمواقع أثرية في المحافظة منذ مطلع الشهر الجاري، تتهم الجماعة الحوثية بالوقوف خلفها.
وطالت هذه العمليات «مسجد الأسدية» في مديرية المشنة، وجبل «الرئسي» بمديرية ذي السفال، وحصن «يفوز» التاريخي في العدين، وحصن «العرافة» في مدينة ظفار التاريخية، وموقع «مريت» الأثري في مديرية السياني، وضريحي «مفضل» و«الحداد» في منطقة السبرة، ومواقع أثرية أخرى في مديرية النادرة.
ومع تكرار استهداف كل ما له علاقة بحضارة وتراث اليمن، تتجدد الاتهامات التي يوجهها عاملون ومهتمون في مجال الآثار لقادة في جماعة الحوثي بالوقوف خلف عمليات نهب وبيع قطع أثرية عبر شبكات تهريب كبيرة.
ويرى المختصون في الآثار أن قادة الجماعة يجتهدون لتدمير وطمس ما تبقى من الهوية التاريخية للحضارة اليمنية واستبداله بموروث يعزز السردية الحوثية ومشروعها الطائفي، وطالب عدد منهم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، ومنظمات أخرى مهتمة بالتراث، بالتدخل لمنع تداول الآثار اليمنية المهربة في الأسواق والمزادات العالمية، والعمل على إعادتها.
إب في الصدارة
وتعدّ محافظة إب إحدى أكثر محافظات اليمن في تعرض مواقعها الأثرية للاعتداء والعبث؛ بسبب كثافة انتشار المواقع الأثرية فيها.
ويرجع عبد الله محسن، خبير الآثار اليمني، ذلك لكون المحافظة كانت جزءاً مهماً ورئيسياً من الدولة الحميرية القديمة، وفيها نشأت الدولة الصليحية في العصور الوسطى، بعد ظهور الإسلام، وهما من أكثر الدول اليمنية التي شهدت استقراراً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
ويكشف محسن عن عرض مُجوهرات وحُلي ذهبية أثرية وبيعها بمعارض المجوهرات في مدينة إب ومدن أخرى منها العاصمة المختطفة صنعاء وغيرها، خلال الآونة الأخيرة، بعد استخراجها بطريقة غير قانونية.
وبين الباحث اليمني، عبر منشورات سابقة له على منصة «فيسبوك»، أنه يجري رصد العديد من حالات تداول صور المجوهرات الأثرية في سوق الملح وصنعاء القديمة وعدد من معارض بيع الذهب في إب ومدن أخرى. ولفت إلى أنه يجري بيع تلك المجوهرات إلى مهربي الآثار، ومن ثم تُهرب عبر المنافذ الحدودية البرية والبحرية والمطارات إلى الخارج.
وأكدت مصادر محلية، أن من بين المنهوبات، ختم لأحد الملوك الحميريين، وأحد النقوش الذي يوثق حقبة من تاريخ اليمن القديم وكثير من القطع الأثرية المهمة.
إدانة حكومية
وأدانت الحكومة اليمنية، واستنكرت بأشد العبارات، مرات عديدة، قيام مليشيا الحوثي الارهابية المدعومة من النظام الإيراني، بنهب وتدمير المعالم والمواقع الأثرية والتاريخية اليمنية.
وأكدت أن اعتداء مليشيا الحوثي الارهابية على متحف ظفار التاريخي امتداد لعمليات النهب المنظم وبيع وتهريب الآثار، ومسلسل الاعتداءات الممنهجة التي طالت المواقع والمعالم الأثرية والتراثية منذ الانقلاب، تنفيذا لمخططاتها في طمس الموروث الثقافي والحضاري لليمنيين.
وطالبت الحكومة، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمة اليونسكو بإدانة ما تقوم به مليشيا الحوثي الارهابية، من نهب وتدمير ممنهج ومتعمد للمواقع والمعالم الأثرية والتاريخية في اليمن باعتبارها جزء من التراث الإنساني.
- "المنارة نت" + "الشرق الأوسط"


