الرئيسية - تقارير وإستطلاعات - "مثلث الشيطان".. اللغز الذي يفغر فاه منذ 200 عاماً
"مثلث الشيطان".. اللغز الذي يفغر فاه منذ 200 عاماً
الساعة 05:36 مساءاً (المنارة نت / اندبندت عربية)

- ما بين أحاديث عن فراغ زمني ووحوش بحر عملاقة وكائنات فضائية... تضيع حقيقة فقدان طائرات وسفن في منطقة تكتنفها الطلاسم

- يطلق عليه البعض اسم "مثلث الشيطان" في إشارة لخطورة المرور به وتربط أهواله بأعمال الجن (غيتي)
 
لعله ما من اسم منطقة جغرافية بعينها حول العالم، أثارت الخوف والحيرة، والغموض والضبابية، بقدر تلك المنطقة التي عرفت باسم "مثلت برمودا"، تلك التي استمر من حولها اللغط، لأكثر من 200 عام، ومن غير أن تظهر نظرية واحدة تفسر الأمر، وتكشف الحقيقة، سيما أن مئات السفن اختفت هناك ومثلها وربما أكثر منها من الطائرات.

تساءل البشر علماء وعوام، ما الذي يوجد هناك تحت سطح المياه العميقة، لهذا المثلث المائي الخطير والمثير؟

ذهب البعض في حقيقة الحال للقول إن هناك ما يعرف بـ"الفراغ الزمني"، وهو مفهوم معقد فيزيائياً، ويلزم تفسيره فهم أبعاد الزمن النسبي عند أينشتاين.

البعض الآخر قال إن هذا المثلث هو البقية الباقية من مملكة وحضارة أتلانتيس الغارقة، التي تحدث عنها أفلاطون أول الأمر، ومن بعده كثير من الفلاسفة والأدباء.

فريق ثالث اعتبر أنها منطقة مائية تسكنها كائنات فضائية، تقوم بابتلاع غامض لبعض ما يمر من فوقها من البشر بهدف إجراء التجارب عليهم، وهو المفهوم الذي يقترب من قصة سكان الأرض الرماديين.

وقد تطول التفسيرات في واقع الأمر من غير حسم ممكن، ومنها أنها مناطق إجراء تجارب سرية من قبل جيوش غير معروفة، أرجعها البعض للفارين من النازية، وآخرون قالوا إن الأميركيين هم من يقومون عليها. ما الذي حدث أخيراً وأعاد فتح هذا الملف الغامض لليوم، وهل هناك تفسير جديد يحل أبعاد اللغز؟ 

مثلث برمودا أو... الشيطان

يطلق عليه البعض اسم "مثلث الشيطان"، في إشارة لخطورة المرور به، وربط أهواله بأعمال الجن، وهو منطقة جغرافية مثلثة الأضلاع يبلغ كل ضلع فيها نحو 1500 كيلومتر، فيما المساحة الإجمالية للمثلث تصل نحو مليون كم مربع، وتقع المنطقة في مياه المحيط الأطلسي، بين برمودا، وبورتوريكو، وولاية فلوريدا الأميركية.

بدأ الحديث عن مثلث برمودا يأخذ أبعاده المحيرة عام 1950 تحديداً، من خلال مقالة في مجلة "اسوشيتدبرس"، كتبه الصحافي الأميركي "إدوارد فان"، ومن بعده نشرت مجلة "فيت" الأميركية مقالة قصيرة، عنوانها "لغز في البحر عند بابنا الخلفي"، تناولت فيه فقدان عديد من الطائرات والمراكب.

ولكي يزداد الحدث غموضاً، قامت مجلة "ليجيون" الأميركية في أبريل (نيسان) من عام 1962، بتغطية حدث ضياع رحلة جوية حملت الرقم (19)، وقد روج البعض لأحاديث مفادها أن قائد الرحلة سمع يقول "نحن ندخل مياهاً بيضاء، لا شيء يبدو جيداً، نحن لا نعرف أين نحن، المياه أصبحت خضراء لا بيضاء".

أكثر من هذا زعمت بعض الأصوات أن تلك الرحلة قد اختطفت إلى المريخ مباشرة، وهو ما عززته مقالة تالية، كتبها "فينسيت جاديس" في مجلة "أرجسوي" الأميركية، كان عنوانها "مثلث برمودا القاتل"، التي رسخت في أذهان الأميركيين فكرة الأحداث الغريبة التي تجري في تلك المنطقة، ولاحقاً وسع "جاديس" مقاله، لتصبح كتاباً بعنوان "آفاق غير مرئية".

عبر نحو سبعة عقود صدر عديد من المؤلفات بلغات مختلفة، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، تناولت شأن هذا المثلث المرعب، الذي حمل فيه كثيرون مسؤولية ما يحدث للفضائيين تارة، ولوحوش البحر الغامضة تارة ثانية، ولم يغفل هؤلاء وأولئك حديث البوابات الزمنية أو الفضائية - النجمية.

هل توقفت حوادث برمودا بالفعل؟

عودة للتساؤل المتقدم، والسبب في تناول شأن مثلث برمودا مرة جديدة هذه الأيام، إذ نشرت صحيفة "ديلي ستار" البريطانية أخيراً تقريراً عن ماورائيات ما يجري في تلك الرقعة المائية، بما في ذلك تناول أمر الاضطرابات المحتملة في مغناطيسية الأرض في تلك المنطقة، التي يمكنها أن تكون سبباً مباشراً في التأثير على البوصلات وبقية أدوات الملاحة.

طفا فوق سطح الأحداث في تقرير الصحيفة البريطانية، المخرج الأميركي "جوني هاريس"، الذي قطع بأنه يمتلك أدلة لإثباب أن ما يحدث بالفعل قد يفسر سبب توقف حالات الاختفاء الغامضة.

لا يبدو ما صرح به "هاريس" يقدم نظرية متكاملة، وإن كان يفتح المجال لربط ما يحدث في تلك المنطقة مع التغيرات الحادثة في مغناطيسية الأرض، والتطورات الفيزيائية التي تتعرض لها أقطاب المسكونة.

يكاد الأمر يكون بداية لفرضية جديدة ضمن فرضيات عديدة، تحاول جاهدة تقديم رؤية مقنعة، لكن من غير دليل قاطع.

يدعو المخرج الأميركي لاتباع نهج قائم على البيانات لحل قضية مثلث برمودا، مضيفاً أنه أمضى مع فريق من المتخصصين أشهراً في جمع وتحليل البيانات حول الخسائر البحرية، وتوصلوا إلى أن بيانات عام 2021 تظهر أن مثلث برمودا أكثر أماناً من مناطق أخرى...

ماذا عن تلك البيانات؟

عند "هاريس" أن 1.8 في المئة من جميع السفن في جميع أنحاء العالم تعرضت لبعض الحوادث، بما في ذلك حالات الاختفاء الغامض، ولم يكن هناك سوى ضحيتين من بين 8634 قارباً عبرت مثلث برمودا، وأن 0.02 في المئة من القوارب التي مرت من مثلث برمودا  تعرضت لحادثة، أي بمقدار مرة أقل من متوسط الحوادث في البحار الأخرى.

يتوصل جوني هاريس من خلال هذه البيانات إلى أن مثلث برمودا مكان آمن، ويعد مثله مثل غيره من المناطق البحرية التي تتعرض لحوادث اختفاء سفن.

هل ما ذهب إليه "هاريس" يمثل بالفعل حقيقة هذه "البؤرة المائية"، التي تحفل بكثير من المكتشفات التي تدور من حولها الأساطير إلى يومنا هذا؟ 

برمودا... السفينة الكوبية والفجوات الروسية

في محاولة لفهم ما يجري في هذا المثلث المائي الذي يمثل أحجية تاريخية غامضة، تطفو على سطح الأحداث قصص من الغرابة بشكل عجيب، غير أن الأعجب أن يجد لها بعض العلماء تفسيرات أو تأويلات علمية.

خذ إليك على سبيل المثال ما جرى في منتصف شهر مايو (أيار) من عام 2015، ففي هذا التوقيت أعلنت السلطات الكوبية أن قواتها لخفر السواحل وجدت في مياه الكاريبي سفينة من دون طاقم، وبالبحث والتحري اتضح أنها السفينة "أس أس كوتوباكسي"، التي اختفت في مياه مثلث برمودا في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1925.

هل يمكن أن يصدق هذا الحديث الذي يقترب من حدود الأساطير التاريخية؟

الغريب أن السفينة العائدة من غياهب الجب، ظهرت فجأة في منطقة محظورة للملاحة لجهة الغرب من هافانا، ما استدعى إرسال ثلاثة زوارق دورية لاستكشافها بعد محاولات فاشلة للاتصال بالطاقم.

كان المدهش حين وصلت تلك الزوارق رؤيتهم للسفينة الأسطورية التي بنيت منذ 100 عام، واختفت في مثلث برمودا بالفعل.

صال وجال رجال خفر السواحل الكوبية فوق السفينة، ومما وجدوا هناك دفتر مذكرات لقبطان كان يخدم في ذلك الوقت في شركة الملاحة "كلينتشفيلد نافيغتشون" التابعة لشركة "أس أس كوتوباكسي"، ولكن المدونات لم تعط أي معلومات حول ما حدث للسفينة قبل 90 عاماً.

في دفتر المذكرات، وجدت تفصيلات عن الحياة اليومية للقبطان، وعديد من الأمور المثيرة قبل انطلاق الرحلة، لكن لا توجد أي خطوط توضح ما حدث للسفينة ما يفتح الباب لتفسير مثير، وهو أنها وجدت ذاتها في لحظات مثيرة وغير متوقعة في مواجهة مصير الرحلة (19) نفسه، التي اكتشف قائدها أنه غير مدرك إلى أين تتوجه.

تاريخياً غادرت السفينة ميناء تشارلستون في كارولينا الجنوبية لتذهب إلى هافانا في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1925، وبعد يومين من المغادرة اختفت، ولم يسمع عنها شيء لمدى قرن كامل.

هل قدم العلماء الروس تفسيراً ما لمثل تلك الحوادث، حين تختفي أشياء وتعود مرة ثانية ولو بعد عقود طوال؟

قبل ظهور السفينة الكوبية بنحو عام، فسرت مجموعة من العلماء الروس "سر مثلث برمودا"، من خلال اكتشاف ثلاث حفر هائلة غريبة ظهرت في الأراضي الروسية وأثارت التساؤلات حول ما إذا كانت خدعة من صنع الإنسان، أو عملاً من فعل كائنات فضائية خارجية، وربما من جراء سقوط نيازك من السماء.

غير أن المفاجأة التي تكشفت تمثلت في أن الانفجارات الناجمة عما يسمى بـ"هيدرات الغاز" (مواد بلورية صلبة يكون الماء أساساً في تركيبتها)، يمكن أن تكون الحل للغز مثلث برمودا.

الحفرتان الروسيتان، يبلغ عمقهما 50 متراً وعرضهما 120 متراً، تقعان في صحراء سيبيريا، وقد أطلق عليهما اسم "بامال" و"تايمو"، سلطتا الضوء على مثلث الموت أو الشيطان برمودا، إذ يرجح العلماء أن تكون هيدرات الغاز التي تأخذ أشكالاً تشبه الجليد من المياه التي تحتوي على جزيئات الغاز، بخاصة الميثان، هي المسؤولة عن اختلال التوازن في تلك المنطقة التي لطالما شكلت لغزاً كبيراً للعالم بأسره.

أهرامات بلورية ودوامات طاقة مهلكة

حديث المواد البلورية الصلبة يقودنا لمنطقة مشابهة جرى تداول أنباء بشأنها في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020، أي قبل قرابة ثلاث سنوات، فقد ادعى تقرير عثور العلماء على "أهرامات كريستالية" ضخمة هناك أسفل مثلث برمودا، ورجحوا أن تكون لها علاقة ما باختفاء السفن والطائرات. التقرير نشر عبر موقع "Before It’s News" وصاحبه الدكتور "ماير فيرلاغ".

هل هذا التقرير له أي مجال من الصحة، أم أنه محض أكاذيب يراد من ورائها تعميق الغموض حول مثلث برمودا، وكأن هناك من له مصلحة ما في هذا السياق، أي أن تظل الأسطورة قائمة عبر الزمن؟

جرت أحاديث مطولة أثبتت أن القصة برمتها منحولة، وأنه لا يوجد عالم بهذا الاسم، بالتالي يبقى الكلام عن أهرامات بلورية جزء لا يتجزأ من حالة "الإيجبتومانيا" أو "الولع بالمصريات"، التي حولها البعض الآخر إلى محاولات لسرقة الحضارة المصرية، عبر محاولة القول بأن المصريين القدماء هم سكان قارة أتلانتيس الغارقة، وأن مكانها الأصلي هو مثلث برمودا الحالي.

لقد حاولت الأيادي المجهولة التي روجت لهذا التقرير، الربط بين الدوامات التي تزخر بها منطقة مثلث برمودا، وبين تلك الأهرامات الكريستالية البلورية، التي ادعوا أنها أكبر بثلاثة أضعاف من الهرم الأكبر في الجيزة، وتوجد على عمق ألفي متر تحت سطح مثلث برمودا.

على أن التقرير وإن كان في متنه مزيف بشكل كبير، إلا أن الذين وقفوا وراءه قد عزفوا على وتر في الحقيقة مثار لأبحاث علمية حقيقية.

لقد قالوا إن الأهرامات المغمورة تولد بشكل متقطع دوامات شديدة في مياه المحيط تتدفق من حولها، وقد تكون هذه الدوامات السبب في انبعاث طاقة هائلة تفرغها من حين إلى آخر عبر قممها، ما يفتح المجال لتكوين دوامات مميتة فوق سطح البحر، تسمح بابتلاع سفن كاملة وطائرات... هل يحفل التاريخ ببعض من تلك الأحداث المثيرة بالفعل؟

أعضاء سرب الطائرات الأميركية المفقودة التي يُفترض أنها اختفت في مثلث برمودا بعد الحرب العالمية الثانية بوقت قصير (غيتي) 
 أين ذهبت قاذفات البحرية الأميركية؟

في الخامس من ديسمبر من عام 1945، أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بأشهر معدودات، كانت خمس قاذفات طوربيد من طراز " تي بي أم أفنغر"، تابعة لقوات البحرية الأميركية، تقلع من مدينة "فورت لودريل" بولاية فلوريدا عند الساعة الثانية وعشر دقائق مساء، وذلك في إطار عملية تدريبية على الملاحة تسمى "الرحلة 19"، التي أشرنا إليها سلفاً.

كان مسار الرحلة يبلغ نحو 320 ميلاً، وتوجب على أفراد الطاقم أن ينطلقوا شرقاً من فلوريدا، ثم يمروا شمالاً، والتحليق فوق جزيرة "غراند باهاما"، ثم الانعطاف إلى الجنوب الغربي، وأخيراً  العودة إلى قاعدتهم.

كان المقدر للقاذفات الخمس العودة خلال ساعات، غير أن خمسة أيام مضنية من البحث شاركت فيها معظم أجهزة الاستطلاع الأميركية، من بحرية وجوية لم تسفر عن أي نتيجة، وكأن تلك القاذفات قد تبخرت أو ابتلعها البحر بشكل غامض.

تولت البحرية الأميركية، وليس القوات الجوية، التحقيقات في الحادثة، ولم يكشف تقريرها المؤلف من 400 صفحة عما حدث للطائرات الخمس.

أما الكتب التي ظهرت لاحقاً لتقدم تفسيرات لاختفاء تلك القاذفات فقد عجزت في حقيقة الأمر عن تقديم صورة حقيقية عما جرى، وقد قال بعضها إن الطائرات قد نفد منها الوقود، وعجز أفراد طواقمها عن ركوب طوافات النجاة قبل أن تغرق طائراتهم في البحر، بعد تنفيذها هبوطاً اضطرارياً في الماء.

غير أن عدم العثور على أي أثر لتحطم القاذفات الأميركية في تلك المنطقة، لا يزال يشكك في ما جرى هناك قبل عقود وما يزال يمثل لغزاً عميقاً جداً.

هل يكون الحديث عن فكرة الفجوات الزمنية، أو المناطق التي يختفي فيها الزمن مع الحواشي المتمثلة في البوابات النجمية، والفراغات الكونية هي السبب في اختفاء تلك القاذفات، وربما غيرها كثير من الطائرات والسفن، وما لا نعلم مما لم يعلن عنه.

ثم إلى أبعد من ذلك نتساءل: هل لمثلث برمودا علاقة ما بما يعرف بـ"المجال المغناطيسي الموحد"، والتجارب التي جرت من حوله خلال الحرب العالمية الثانية تحديداً، وقد كان الهدف الرئيس من ورائها، التوصل إلى آلية ما لإخفاء الأشياء عن أعين البشر، مهما كان حجمها هائلاً، كالسفن والطائرات وما نحوها؟

مثلث برمودا وفكرة الفراغ الزمني

حديث الفراغ الزمني يحتاج في واقع الحال لشرح مطول، سيما أن البعض حتى وقت قريب، كانوا يعتبرونه نوعاً من الخيال العلمي.

الفكرة ببساطة شديدة تفيد بأن بعض الأماكن فوق سطح الأرض أو البحر أو الجو، توجد بها فجوة لا زمان فيها، أي إنها خارج القياسات الزمنية المعروفة في عالمنا المعاصر، من الدقائق والساعات والأسابيع والأشهر والسنوات والعقود والقرون.

من هذه الفجوات الزمنية ما يعرف بالثقوب الدودية، غير أن هذه غير مستقرة وغالباً ما تنهار بسرعة.

وهناك ما يعرف بالسلاسل الكونية، وهي أنابيب افتراضية من الطاقة بالغة الصغر تشمل منحنيات مغلقة في الزمان والمكان يمكن أن تعمل مثل آلات الزمن.

ترتبط فكرة الفجوات الزمنية بعلم الكونيات، الذي يتطور يوماً تلو الآخر مميطاً اللثام عما لا يعرفه الإنسان في الحاضر، لكن حكماً سيدركه في المستقبل.

هل مثلث برمودا هو حالة من حالات الزمن المفرغ، وإذا كان ذلك كذلك، فهل من يذهب فيه يمكنه أن يعود منه مرة أخرى، لكن بعد وقت طويل كما الحال مع السفينة الكوبية المتقدمة الذكر؟

يبدو أن هناك قصة أخرى تفوق الخيال وتفتح الباب لتأويلات مغايرة في هذا السياق.

في عام 1954 أقلعت طائرة ألمانية من مدينة "أخن" قاصدة "سانتياغو" عاصمة تشيلي، وقد كان مقرراً لها أن تصل خلال بضع ساعات بعد أن تعبر المحيط الأطلسي وتتوجه إلى أميركا الجنوبية، غير أنها  لم تظهر، وجرى البحث عنها بأدوات محدثة عن تلك التي استخدمت في البحث عن قاذفات البحرية الأميركية عام 1945، لكن البحث ذهب هباء منثوراً.

بعد نحو 35 سنة أي عام 1989، ظهرت الطائرة الألمانية في مطار "بورت أليجر في البرازيل"... كيف حدث ذلك؟

لا أحد يعلم، أما المؤكد فهو المشهد الغريب الذي هبطت به بعد أن ظلت تدور حول المطار لمدة نصف ساعة، كانت كافية لأن تعلن فيها السلطات الجوية في البرازيل والجارة القريبة تشيلي جميع الاحتياطات الأمنية، خوفاً من أن تكون الطائرة موجهة لعمل إرهابي أو عدائي.

كانت المفاجأة أن سلطات المطار المدنية انتظرت أن يخرج أحد من الطائرة، لكن هذا لم يحدث.

بعد ساعات من الخوف والتوجس، وفي ظل عدم صدور أي أصوات من داخل الطائرة أو ظهور ما يدلل على هويتها، قررت قوات الطوارئ اقتحام الطائرة، وهنا كانت المفاجأة الأكبر.

ظهر ركاب الطائرة بالكامل وعددهم 88 راكباً في أماكنهم بطريقة الجلوس والأرقام نفسهما التي غادروا بها مطار "أخن"، بعضهم وجد الطعام أمامه، وآخر فنجان القهوة الساخن والبخار يتصاعد منه، فيما قائد الطائرة يداه على المقود في وضع الطيران وكأنه يطير بالفعل... المختلف فقط مع أي مشهد وصول... هو أن الذين حطوا في مطار البرازيل كانوا هياكل عظمية وليسوا بشراً.

بدت ضخامة الحدث أكبر وحكماً أخطر من أن تتحمل تشيلي أو البرازيل عملية فك طلاسمه، ولهذا تشكلت لجنة علمية من أكثر دول العالم تقدماً، حتى أنه تم الاستعانة بعلماء فيزيائيين روس، على رغم أن الحرب الباردة وقتها لم تكن قد انتهت.

بعد أكثر من ثلاثة عقود، لم يعلن رسمياً ما الذي جرى، وهل دخلت الطائرة فوق مثلث برمودا في فجوة زمنية وعادت لاحقاً من المستقبل، أم أن كائنات بعينها اختطفتها، وإن فعلت لماذا أرسلتها مرة جديدة؟

هذا المشهد ألقى بظلاله قبل بضع سنوات حين اختفت الطائرة الماليزية، على رغم أنها كانت في مسارات ومدارات بعيدة كل البعد من منطقة مثلث برمودا، الأمر الذي دعا المراقبين والمتابعين للتساؤل هل هناك مناطق مشابهة أخرى حول العالم، وهل من فجوة زمنية بعينها سقطت فيها الطائرة الماليزية، أم أن الدول العميقة وحكام العالم الخفي إدارات وأجهزة، هم من يتلاعبون بمقدرات البشر والحجر؟

هل يحل لغز المثلث المائي قريبا؟

ولأن اللغز قد طال زمانه، فإن هناك عديداً ممن يتطلعون إلى فك طلاسمه، ولهذا نستمع يومياً إلى رؤى ونظريات حديثه
 تتناول شأن مثلث برمودا ومحاولة التوصل إلى حقيقة الأمر.

في أوائل شهر مايو 2022، بدا وكأن العالم الأسترالي "كارل كرزيلنكي"، قد استبعد الأفكار الهيولية كافة، التي ارتبطت تاريخياً بالمثلث، من قبيل القول بكائنات فضائية أو وحوش البحر، وحتى مسألة الفراغ الزمني.

يعتقد العالم الأسترالي أن العدد الهائل من حالات الاختفاء أمر لا يمكن تفسيره بأي شيء خارق للطبيعة أكثر من الخطأ البشري وسوء الأحوال الجوية.

رأي آخر منسوب للباحث الأسترالي، البروفيسور "شين ساترلي"، الذي يرى أن البحث في سجلات الحالات التي اختفت في مثلث برمودا، يمكن أن يساعد في فهم وتفسير هذه الظاهرة.

تتوقف ساترلي عند الرحلة الشهيرة (19) فتكتب قائلة "خذ اختفاء تشارلز تايلور والطائرات الخمس التي حققت فيها البحرية الأميركية. وجد التحقيق أنه مع حلول الظلام في الخارج وتغير الطقس، قام تايلور بقيادة الطائرات إلى الموقع الخطأ، وكان لتايلور أيضاً تاريخ من الضياع أثناء الطيران، واحتاج مرتين إلى الإنقاذ في المحيط الهادئ والبحرية نفسها كانت لديها فكرة جيدة عما حدث قبل الاختفاء".

ساتيرلي في نهاية الأمر يحث أصحاب نظرية المؤامرة على تذكر الآتي "تبين أيضاً أن عدد السفن والطائرات، التي أبلغ عن فقدها في مثلث برمودا، ليس أكبر بكثير من الناحية النسبية، مقارنة بكوارث أي جزء آخر من المحيط".

هل الوهم والدعاية عن مثلث برمودا يفوقان حقيقته؟
لكن ما هي تلك الحقيقة؟
من هنا يظل المثلث واحداً من الأحاجي التاريخية التي تبقى ملفاتها مفتوحة حتى إشعار آخر.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر