الرئيسية - تحقيقات وحوارات - تحقيق استقصائي: ”كامبريدج أناليتيكا” استخدمت اليمنيين ”كفئران تجارب” لبرامج التجسس!
تحقيق استقصائي: ”كامبريدج أناليتيكا” استخدمت اليمنيين ”كفئران تجارب” لبرامج التجسس!
الساعة 11:36 صباحاً (وكالات )
كشف تحقيق استقصائي جديد للصحفي ماكس بلومنتال، كيف قامت شركة "إس. سي. إل." (SCL Group)، وهي الشركة الأم لـشركة "كامبريدج اناليتيكا"، بإدارة برنامج رقابة تجسسي، أتخذ شكل مكافحة التمرد في اليمن، بالنيابة عن مقاول عسكري مقره الولايات المتحدة. وشركة كامبريدج اناليتيكا (مقرها بريطانيا)، كانت تعد شركة بيانات سياسية، قبل أن يتم حلها وإغلاقها خلال هذا العام، بعد فضيحة استخدام الشركة من قبل حملة دونالد ترامب لتقوم بالتلاعب في الانتخابات الرئاسية الامريكية لعام 2016. وكشف الصحفي الاستقصائي الدولي "ماكس بلومنتال"- وهو صحفي أمريكي اشتهر بعمل التحقيقات الاستقصائية، ونال العديد من الجوائز، ومؤلف عدة كتب- أن الشركة الأم لشركة كامبريدج أناليتيكا، وهي شركة (SCL Group)، كانت بدايةً قد طورت في اليمن تكتيكات مخادعة، استخدمتها فيما بعد في الانتخابات الأمريكية 2016، كجزء من عملية مراقبة سرية تسمى مشروع تيتانيا (Project Titania). ما يعني أن الشركة استخدمت اليمنيين كـ"فئران تجارب" لبرنامجها المذكور. وقد نشر الصحفي بلومنتال، تلك الوثائق الخاصة باليمن، والتي حصل عليها حصريا بشكل قانوني، كما أكد، على موقعه الالكتروني المستقل "غري زون بروجكت"، المخصص لنشر التحقيقات والتحليلات الصحفية. وقام بتحليلها ونشرها على جزئيين، مرفقا في كل جزء عدد من تلك الوثائق. الوثائق الداخلية التي تم الحصول عليها حصريًا من قبل مشروع غريزون بروجكت والتي تم تضمينها في نهاية هذه المقالة، توضح كيف قامت شركة إس سي إل جروب وهي الشركة الأم لشركة كامبريدج أناليتيكا ومقرها المملكة المتحدة، بتنفيذ عمليات مراقبة في اليمن باستخدام دراسة الانماط النفسية، "حملات الاتصالات الاستراتيجية" إضافة الى تسلل عملاء اجانب داخل مجتمعات السكان الأصليين من خلال شركاء محليين ليس لهم دراية بحقيقة الأمر، حيث صدرت تعليمات بتضليلهم (خداعهم). وتصف وثائق شركة SCL "دراسات بحث وتحليل أجرتها مختبرات الاتصالات الاستراتيجية (SCL) بالنيابة عن أرخميدس" وهو مقاول عسكري أمريكي. لقد نفذت العملية (البرنامج)، تحت أسم "مشروع تيتانيا". وكان يعتمد بشكل كبير على الخداع للوصول إلى السكان المحليين، كما طلب من عملاء المشروع اختلاق "قصة ملفقة" تجعل من وجودهم في البلاد أمراً يبدوا بريئاً ولا يثير القلق. الأهداف الجغرافية للمشروع كانت محافظتي حضرموت ومأرب، إذ كانت هذه المناطق تعتبر بمثابة قواعد تنظيمية لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، كما أنها كانت في ذلك الوقت في مرمى نيران برنامج الاغتيالات التابع للرئيس باراك أوباما في ذلك الحين. العديد من أساليب المراقبة والتلاعب (في اليمن) التي كشفت عنها وثائق شركة (SCL)، تعكس بدقة التكتيكات التي تم تطبيقها فيما بعد في السباقات الانتخابية الغربية. وعندما تم الكشف عن هذه التكتيكات في أوائل عام 2018، أشعلت عاصفة سياسية. وقد أوقفت شركة البيانات والتحليلات السلوكية "كامبريدج أناليتيكا" عملها في شهر مايو / أيار (الجاري)، عقب انتشار تسريبات مدمرة، تتحدث عن أنها حصلت على البيانات الأولية لأكثر من 80 مليون مستخدم للفيسبوك خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، واستغلت هذه المعلومات للتأثير على نتائج العديد من الحملات السياسية. حيث تخطت اضرار ذلك حدود المحيط الأطلسي لتصل إلى الشركة الأم لـ كامبردج اناليتيكا في المملكة المتحدة، وهي مجموعة (SCL) مما أجبرها على إغلاق عملياتها أيضًا. وكانت شركة كامبردج أناليتيكا مملوكة جزئيا ل "ستيف بانون"، المدير السابق للحملة الانتخابية الرئاسية لترامب في عام 2016. كما انه رئيس سابق لموظفي البيت الأبيض، وقد تشارك ملكيتها مع مموله المالي الرئيسي في ذلك الوقت وهو الملياردير اليميني المتقاعد روبرت ميرسر، وابنته ريبيكا ميرسر التي كانت نائبة للرئيس. وقد بدأت شركة كامبريدج أناليتيكا أعمالها بسلسلة من الجهود التي كان يبذلها الجمهوريون للخروج من التصويت في عام 2014، ونشر تقنيات التنميط النفسي التي أصبحت بمثابة العمود الفقري للشركة. ووفقاً لما كشفه كريستفيلد ويلي، المدير السابق لأبحاث شركة كامبردج اناليتيكا فقد كان "سرها الصغير القذر هو أنه لم يكن هناك أمريكي واحد متورط في [جهود عام 2016] بحيث اصبحت عميلاً أجنبياً بحكم الامر الواقع، وتعمل على انتخابات أمريكية" وخلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، لعبت شركة كامبردج أناليتيكا دورًا محوريًا في جهود التواصل الرقمي لترامب. ففي تحقيقات الكاميرات الخفية من قبل القناة الرابعة في المملكة المتحدة، شعر التنفيذيون في كامبريدج أناليتيكا بالطمأنينة والاستحسان جراء خلق العديد من خطط وخطوط الهجوم المستمرة ضد هيلاري كلينتون. حيث تباهى أحد المدراء التنفيذين، قائلاً "نحن فقط نضع المعلومات في مجرى الدم في الإنترنت، ثم نشاهدها تنمو، وبين الحين والأخر نعطيها دفعة صغيرة لمشاهدتها تتشكل مع مرور الوقت"، مضيفاً "وهكذا تتسلل هذه الأشياء إلى مجتمع الإنترنت ولكن بدون وجود علامة تجارية ولهذا لا يمكن توزيعها ولا تعقبها". مجموعة (SCL) و"مشروع تيتانيا" تم تكثيف التكتيكات المشكوك فيها بشكل أخلاقي التي قامت بها كامبريدج أناليتيكا خلال حملة عام 2016 من قبل الشركة الأم وهي مجموعة (SCL) ومقرها لندن، وذلك ضمن مجموعة من عمليات التأثير في مناطق النزاع والسباقات الانتخابية التي تجري في العالم الثالث. تأسست شركة SCL في عام 2005، وهي متخصصة في ما وصفته أدبيات الشركات بـ"عمليات التأثير" و "الحرب النفسية" حول العالم. [سرد الكاتب أمثلة لما قامت به الشركة المذكورة من اعمال وتدخلات مدمرة في عدد من الدول على مستوى العالم، بينها: مفاقمة التوترات العرقية في لاتفيا عام 2006، وقمع المعارضة في الانتخابات الرئاسية في نيجيريا عام 2007، وكذا تأثيرها على الثورة البرتقالية في أوكرانيا 2004، ...] لكن (SCL) لعبت أيضًا دورًا مزعجًا بشكل مماثل، كوكيل خاص للجهود البريطانية والأمريكية لمكافحة التمرد في الشرق الأوسط. الوثائق الداخلية (الخاصة ببرنامج اليمن) التي تم الحصول عليها بشكل قانوني من قبل مشروع Grayzone غريزون، توفر نظرة حصرية على واحدة من هذه الجهود التي تشرف عليها مجموعة (SCL) حيث تُظهر المواد كيف استخدمت الشركة التنميط النفسي، "حملات الاتصالات الاستراتيجية"، والعناصر الأجنبية، في أساليب المراقبة والتلاعب التي توازي التكتيكات التي استخدمت لاحقًا للتأثير في الانتخابات الغربية. [استشهد الكاتب بما قامت به الشركة من تأثير باستخدام اساليبها التضليلية والمخادعة في كل من إيران وسوريا وليبيا] ثم تابع بالقول: قد توفر المستندات التي حصل عليها مشروع Grayzon (غريزون) أول نظرة عن قرب على أحد هذه البرامج. كما وتسلط الضوء على "دراسة البحث والتحليل" التي أجرتها مجموعة SCL في اليمن نيابة عن المقاول العسكري أرخميدس، والمعروف باسم تيتانيا بروجكت. "استخدام قصة ملفقة" عندما أطلقت شركة (SCL) مشروع تيتانيا، ملئت الطائرات الأمريكية بدون طيار سماء المناطق اليمنية في مأرب وحضرموت. ونجح تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP) في تحويل كلا المنطقتين إلى أماكن للتدريب والتجنيد، وأيضا إلى قواعد للهجمات على القوات الحكومية. في مايو / أيار 2010 قتلت طائرة أمريكية بدون طيار نائب محافظ مأرب عن طريق الخطأ، مما أدى إلى استفزاز قبيلته لمهاجمة خط أنابيب النفط الرئيسية بالبلاد للانتقام واستنزاف إيراداتها التي بلغت مليار دولار. وبعد مرور عام في مأرب، أدت ضربة بطائرة بدون طيار سمح بها شخصياً الرئيس باراك أوباما آنذاك، الى مقتل الرجل الابرز في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أنور العولقي، برفقة ابنه عبد الرحمن، الذي كان يحمل الجنسية الامريكية. وتم تعريف مشروع تيتانيا من قبل مؤلفيه كدراسة لمكافحة التطرف تهدف إلى الحد من جاذبية وتأثير القاعدة في شبه الجزيرة العربية في جميع أنحاء اليمن. وتهدف العمليات بداية ًالى تحديد "السلوك غير المرغوب" - الذي يُعرّف بـ "الدعم والمشاركة في انتهاج الجهادية العنيفة". ولشرح العوامل التي ساهمت في وجودها ونموها لاحقاً فقد دعا المشروع إلى اقتراح "حملة تواصل استراتيجي" لتقويض انتشار الأيديولوجية الجهادية. وقد أمرت SCL باحثيها الميدانيين بنشر استبيانات للسكان المحليين اليمنيين من أجل جمع بياناتهم النفسية. حيث كان الهدف المحدد في خطة بعثة مشروع تيتانيا هو الحصول على "تفهم نفسي اجتماعي مفصل للمجموعات التي يمكن استخدامها للتأثير بفعالية أكبر" على الشبان اليمنيين الذين يعتبرون عرضة للتجنيد الجهادي. هذه الطرق سبقت استخدام شركة كامبرديج اناليتكا لاستبيانات فيس بوك بغرض جمع بيانات شخصية عن الناخبين الأمريكيين. وقد تم توجيه الأجانب الذين أرسلوا لتنفيذ مشروع تيتانيا صراحة لخداع المواطنين اليمنيين الذين سيعتمدون عليهم في الأبحاث الميدانية. كما "سيتم استخدام قصة ملفقة لشرح الغرض من البحث للباحثين و "لن يتم إخبار الباحثين المحليين بأهداف الدراسة أو رعاتها"- وفقاً لما ورد في وثيقة مجموعة SCL. وتضيف الوثيقة "سيكون الاستبيان وبروتوكول المقابلة غير مرتبطان تمامًا بالمصدر الأصلي". واقترحت SCL، خيارات لقصة ملفقة تتضمن انه "قبل إكمال المقابلة أو الاستبيان سيتم إعطاء جميع المشاركين الأساس المنطقي للدراسة (أي أن الدراسة تعد جزء من برنامج بحث جامعي أو برنامج أبحاث السوق) وسيتم إبلاغهم بأن اجاباتهم ستبقى سرية". هل تعاقدت حكومة المملكة المتحدة مع شركة SCL في اليمن؟ تسلط وثائق مشروع تيتانيا المسربة الضوء على مشاركة الحكومة البريطانية في أنشطة سرية لمجموعة SCL في اليمن كما تشير إلى أنها كانت العميل الذي تم التعاقد معه لتنفيذ عمليات مكافحة تمرد خاصة. ويحتوي القسم المسمى "سجل المخاطرة" على المبادئ التوجيهية الأمنية التالية للناشطين الميدانيين: على جميع أعضاء الفريق الوطني الأجنبي في اليمن التنسيق والتواصل مع السفارة البريطانية والتسجيل في التحديثات الأمنية لدى وزارة الخارجية البريطانية والكومنولث (مما يوحي بأن حكومة المملكة المتحدة تعاقدت مع شركة SCL لتقوم بعمليات المراقبة). على حد تعبيره. وأدرجت وثائق مشروع تيتانيا مجموعة من المنظمات غير الحكومية العاملة في مأرب، والتي يبدو أنها تشير إلى كونها وسائل محتملة للحصول على معلومات استخباراتية عن السكان المحليين. وقد تم شطب أسماء هذه المنظمات غير الحكومية من هذا التقرير لحماية الموظفين من التداعيات التي قد تنجم عن ارتباطهم بعملية سرية لتأثير غربي. وإذا كان هناك أي من المشاركين في مشروع تيتانيا، فقد فعلوا ذلك دون قصد حيث طالبت المواد الخاصة بالمشروع على وجه التحديد بإجبارهم على العمل تحت ذرائع كاذبة. وقد رأت ياشا ليفين الصحفية ومؤلفة كتاب "وادي المراقبة: التاريخ المخفي للإنترنت"، أن مشروع تيتانيا التابع لـ مجموعة SCL هو عملية نموذجية لمكافحة التمرد. وقالت لغرايزون بروجكت "بالنظر إلى هذه الوثائق حول برنامج مكافحة التمرد المستند إلى البيانات الذي تقوم به" شركة SCL، فإن أكثر ما يلفت الانتباه حولها هو مدى عدم الاهتمام بها". وتابعت: "إذا قمت بتغيير الصياغة قليلاً، فقد كان من الممكن كتابة مقترح SCL قبل نصف قرن من حرب فيتنام. حيث كانت تقنيات مكافحة التمرد بمساعدة الكمبيوتر هي الأولى في البداية. في ذلك الوقت كانت الفكرة هي أنه من أجل محاربة التمرد - الحروب التي يخرج منها المقاتلون والأعداء من عموم السكان - كنت بحاجة أولاً إلى فهم البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يعمل فيها العدو، ويعني ذلك أولاً وقبل كل شيء دراسة واستقصاء المجموعات السكانية المضطربة كما لو كانت فئران مختبرية، ومن ثم استخدام تكنولوجيا حاسوبية متقدمة لتحويل جميع المعلومات الواردة إليها ومعالجتها".
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص