الرئيسية - ثقافة - قصة قصيرة " طفل الخور الباكي "
قصة قصيرة " طفل الخور الباكي "
صورة تعبيرية
الساعة 04:15 مساءاً (بقلم / ناصر بامندود)
بينما أنا أمشي بين إحدى جنبات "الخور " عاداً إلى المنزل بعد أن جلست رفقة صديقي . إذ بي ألمح طفلاً يبكي اقتربت منه أكثر فوجدته يردف الدموع بحرقه حتى أحمرت عيناه و وصلت دمعاته أسفل وجهه ! أوجعتني هيئته هذه كثيرا ًوجعلتني أشفق عليه حتى قبل أن أعرف ما خطبه ، فوجهه يحكي الماً كبيراً و وجعاً لا يحتمل، كان كل همي أن أعرف ما به علني أجد حلً يوقف نزيف عيناه ، وعرفت من وجهه إنه من "نازحي حرض " ، فسألته لماذا تبكي ما بك لا عليك أخبرني ، أجابني سريعاً بصوت باكي أضعت "الألف ريال " الذي أعطني إياه أحد المراين وأبي شاهده وهو يعطيني وحالما أعود إلى البيت سيقول لي أعطني الألف وباقي ماجمعت، فأبي قاسي وشرس لن يرحمني ولن يعذرني سيظل يضربني حتى ينهي غضبه فأنا أبحث عنه منذ نصف ساعة ولم أجده لذلك أناخائف جدا ًمن رجوعي إلى البيت . فقلت له هون على نفسك وأمسح دمع عيناك أنت رجل لا تبكي سنجد حلً ان شاء الله ، وسألته هل بحثت عنه جيدا ً؟ وهل اباك قريب من هنا لأذهب فكلمه ؟ أجابني نعم بحثت عنه جيدا ًولم أجده ، وأبي بعيد من هنا ، لحظتها كم تمنيت أن يكون هذا الألف متوفراً لدي ، فحينها لم أكن امتلك في جيبي إلا ربع هذا المبلغ ، وماذا عساني أن أفعل له، فمنظره يكسر حتى تلك القلوب القاسية ! فأخذت أبحث عن الألف علني أعثر عليه فأنقذ الطفل من هذا الموقف وارحمه من قساوة ذلك الأب الجشع ! و مشيت أبحث والطفل ينظر إلي وعيناه تقولون " ليته يجده ، ليته ينقذني من ورطتي " ، وبعد دقائق من البحث وعندما لم أعثر عليه أدركت أنه لاجدوه من ذلك ، سألت الطفل هل لك من أقارب يعرفون أباك فيكلمه أحدهم ليرحمك ، أجابني نعم لكن ليسوا بالقرب من هنا ، سألته أين هم أجابني في فوه ، قلت في نفسي تباً ! ثم نظرت إلى الساعة فوجدتها متأخره وأنه أصبح لابد من عودة هذا الطفل إلى منزله ، وفكرت هل أذهب معه إلى والده لأستعطفه كي يصفح عنه ولكن خطر في ذهني ربما هذا قد يزيد الأمر سوءا ًللطفل ويغضب عليه الأب أكثر ، فما كان مني إلا أن لا أتركه يظل في الشارع وأن خطورة الجلوس في الشارع في هذا الوقت المتأخر وفي عمره الصغير أكثر من خطورة عقوبة الأب وأن كان الخطر في الاثنان ! فصرت أقنعه بالعودة إلى المنزل وقلبي يتألم لفعلي هذا لكن لم يكن لدي من حلً سواه ، فربما لاقدر الله قد يحكي هذا الطفل قصته لأحد اولئك أصحاب القلوب القذرة والأنفس المريضة فيقوم هذا النجس بعرض إعطاءه الألف مقابل حاجته القذرة ، ووصلت إقناعه حتى وصلت كلماتي إلى عقله فوافق على الرجوع إلى بيته ثم دعوت له بأن يقيه الله شر ذلك الأب الجشع ومشينا ليعود كلاً منا لبيته . عدت إلى البيت وأنا أفكر في الطفل هل عاد إلى البيت ؟ وماذا صنع معه أباه ؟ وكيف تعامل معه عندما أخبره ؟ وأتخيل الأب وهو يضربه ويعنفه ليلتها عكر مزاجي و شتت فكري ، فأنتظرت اليوم التالي لأعاود نفس المكان الذي وجدته فيه حتى أطمئن عليه هل هو بخير ؟ ماذا صنع معه أباه ؟ وهل عاد إلى البيت من الأساس ! لم أجده سرت بالقرب من المكان علني ألمحه وعله يناديني اذا رآني لكن لم أجده ولم يجدني . فأصبحت أسأل نفسي الأسئله المتراكمة في قلبي وعقلي منذ البارحة لما رأيته يتقطع بكاً ، ما هو دورنا مع الأطفال النازحيين ؟ وهل نتركهم للتسول هكذا ؟ أين حقهم في التعليم مثل أقرانهم ؟ أين الدور الحقيقي للسلطات والمنظمات في حمايتهم وتعليمهم ؟ هؤلاء الصغار ما هم إلا ضحايا من دفع بهم للتسول ولا ليس لهم من ذنب سو ماحدث للبلد ! ثم سألت نفسي ذلك الأب الغليظ الجشع ألم يصل إليه وأن وصل إليه ألم يتأمل قول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " ، ألم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم على ثلاث أحدهن "لا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر " بدلاً له من أن يتاجر هذا الجشع الفض بأبنائه المساكين الصغار ! وأن مال التسول مهما كثر فهو لا يأتي إلا بالفقر بتأكيد الصادق المصدوق صلوات ربي وسلمه عليه، وأصبحت أتساءل مع نفسي ماهي حكاية الأطفال المتسولين والمتسولين بشكل ًعام فقد كثر الحديث عنهم، ومن وراءهم أم انهم أتوا بعفوية وحب للمال أو سدا ًللحاجة فقط لا أكثر وربما هم فقط ضحايا للنزاعات أو لأولياء أمورهم الذين يبحثون عن المال حتى على حسب أبنائهم .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر