
من تيسا هادلي إلى كيت موس، 8 كاتبات يروين كيف شكل كتاب فريد واحد هوياتهن كأديبات وأشخاص.
ملخص
في ظل تصاعد الاهتمام بالكتب التي شكلت مسارات المبدعين، تكشف ثماني كاتبات بارزات، كيف أن رواية واحدة غيرت حياتهن، وأسست لهويتهن الأدبية، مؤكدات قوة الأدب في تشكيل الرؤية والإلهام الشخصي.
هناك عدد لا نهائي من الأسئلة التي قد يطرحها المرء على كاتب ما في سبيل فهم أعمق لأعماله، لكن قلة قليلة من هذه الأسئلة تمنحنا إجابات كاشفة ومضيئة مثل: ما هو الكتاب الذي صنع منك الكاتب الذي أنت عليه اليوم؟ ولماذا؟
وهذا بالضبط ما طرحناه على ثمان من الكاتبات البارزات المشاركات في برنامج هذا العام من مهرجان هاي الأدبي [أقيم في باوز، ويلز من 22 مايو (أيار) حتى الأول من يونيو (حزيران) 2025]، ومن بينهن الروائية إليف شافاك، التي نالت أخيراً ميدالية المهرجان عن فئة النثر، والتي يبدو واضحاً أن روايتها الأحدث، الممتدة عبر قرون "هناك أنهار في السماء" There Are Rivers in the Sky، تحمل بصمات اختيارها الأدبي المميز بكل وضوح.
من الكلاسيكيات إلى المفاجآت، جاءت اختياراتهن متنوعة بين الأعمال الساخرة اللاذعة، والقصص القصيرة التي لا تنسى والعوالم الخيالية. لكن ما يجمع بين هذه الكتب جميعاً هو الأثر العميق الذي تركته في نفوس كاتبات استطعن بدورهن أن يطبعن الأثر ذاته في قرائهن.
وبصراحة، هل هناك مصدر أفضل من اختياراتهن هذه للحصول على قائمة بالكتب الموصى بقراءتها هذا الصيف؟
كيت موس: "مرتفعات ويذرينغ" Wuthering Heights لـ إميلي برونتي
رواية مذهلة وطموحة، نشرت عام 1847، قبل عام واحد فقط من وفاة كاتبتها، تدور حول العنف وقوة الطبيعة والهوس والعرق والقيود المفروضة على حياة النساء، وهي في الوقت ذاته حكاية تحمل طابعاً من الغموض والخيال المظلم. لكن قبل كل شيء، هي رواية أعادت رسم حدود الممكن ضمن ما تستطيع النساء كتابته، وألهمتني بعد أعوام لأن أصبح الروائية التي أنا عليها اليوم. المقطع الأخير منها، حين يتأمل الراوي لوكوود شواهد قبور هيثكليف وكاثرين إيرنشو وإدغار لينتون على سفوح الأراضي المفتوحة، تمثل في نظري خلاصة الجمال والتأمل، وتدمع عيناي في كل مرة أعيد قراءته.
نصيبة يونس: "الأشجار" The Trees لـ بيرسيفال إيفرت
غالباً ما يستهان بالدور الذي تلعبه الفكاهة في الأدب الروائي الجاد، لكن ككاتبة ناشئة في مجال الأدب الساخر، كان عمل إيفرت دليلاً قوياً بالنسبة إلي. رواية "الأشجار" التي تغوص في التاريخ المؤلم للعنف العنصري في أميركا، تتميز بروح فكاهية صاخبة ومتفجرة، تقدم نظرة جديدة تماماً على موضوع عالجته كتب كثيرة، بعضها جاد وأحياناً يميل إلى العاطفية المفرطة. في هذا العمل، يبرهن إيفرت بقوة على قدرة الفكاهة على نقد الظلم الاجتماعي والسياسي بحدة مذهلة وفعالية لا تضاهى.
إليف شافاك: "أورلاندو" لـ فرجينيا وولف
من بين كل الروايات التي قرأتها وأعدت قراءتها منذ طفولتي، تحتل رواية "أورلاندو" مكانة خاصة في قلبي. هذه الرواية الرائعة التي أطلقت عليها فرجينيا وولف ممازحة وصف "سيرة ذاتية"، تمتد عبر ثلاثة قرون وتتجاوز حدود المكان والزمان والهوية. من إنجلترا الإليزابيثية [فترة حكم الملكة إليزابيث الأولى 1558-1603] إلى الإمبراطورية العثمانية، تأسر الرواية بجمال أسلوبها وروح فكاهتها الباهرة، فهي متعددة الطبقات بصورة رائعة وتستحق إعادة قراءتها مراراً وتكراراً. إنها عمل شجاع ومبدع وخيالي وذكي، وتشبه في جوهرها الماء في مرونته وتدفقه. تعد "أورلاندو" شهادة مذهلة على ما يمكن للرواية الطويلة أن تحققه، عندما أقرأ هذا الكتاب، يتبادر إلى ذهني معنى "الحرية".
جوان هاريس: "مرتفعات وذرينغ" Wuthering Heights لـإميلي برونتي
قرأت رواية "مرتفعات وذرينغ" للمرة الأولى وأنا في الـ15 من عمري، وكنت أظنها قصة حب بسيطة. وهذا صحيح إلى حد كبير، فهي تحكي عن حب سام وحب محبط وحب بريء وحب ضائع في الأوهام. لكن أكثر ما أسرني كان الكلمات نفسها، والمناظر الطبيعية المألوفة جداً لأراضي يوركشر المفتوحة، التي تمثل في الحقيقة قصة الحب الحقيقية: بين برونتي وعالمها الخاص. أعيد قراءتها كل بضعة أعوام، وكأنها نزهة مفضلة أذهب إليها دائماً لأكتشف فيها شيئاً جديداً في كل مرة.
تيسا هادلي: "قوس القزح" The Rainbow لـ دي أتش لورنس
إلى أي مدى يجب أن نعود في الزمن لنجد الكتاب الذي شكلنا؟ ربما، مدفوناً في مكان عميق من طبقات الطفولة، هناك رواية "السنونو والأمازون" Swallows and Amazons لـ آرثر رانسوم... لكن لنكن جديين. في تلك اللحظة الحساسة من تشكل الشباب، حين تتخذ قرارات مصيرية تتعلق بالحياة والذات، كنت أقرأ دي أتش لورنس، على وجه التحديد روايته "قوس القزح". بعض الروايات النارية تؤثر في الشباب كما تفعل النصوص الثورية أو الدينية، كأنها ترشدك كيف تعيش وبماذا تثق. وبما أن لورنس يكتب ببراعة فائقة، فلا أندم على تأثيره، على رغم أنه دفع بي إلى أماكن محفوفة بالأخطار. إنه قوي ورقيق في آن واحد، يدافع عن الحياة بشراسة وحنكة.
لورا بيتس: "عقد من قطرات المطر" A Necklace of Raindrops لـ جوان آيكن
هناك بيت يبيض بيضة. فتاة هي ابنة الرياح الشمالية بالمعمودية. نمر يركض أسرع من الريح. هذه مجرد لمحات من خيالات جوان آيكن اللامحدودة، التي تتجلى في هذا الكتاب الصغير من قصص الأطفال. كان هذا أول كتاب طفولة لم يأسرني فحسب، بل ألهمني أيضاً لأبتكر إمكانات وقصصاً وعوالم خاصة بي. وبعد كل هذه الأعوام، عندما يصبح جزءاً من عملي مرتبطاً باستخدام القصص لفتح أعين الناس على الظلم والإساءة التي قد لا يختبرونها بأنفسهم، وجزء آخر يروي قصة حياة أفضل ممكنة في متناول اليد، أجد نفسي أعود دائماً إلى آيكن. أنا مدينة لها بامتنان كبير لأنها أظهرت لي كيف يمكن للكتاب أن يكون نافذة تطل على عالم آخر.
يل هورني: "سجلات كازاليت" The Cazalet Chronicles لـ إليزابيث جين هاورد
منذ طفولتي، كانت الروايات التي تحتل مكانة خاصة في قلبي تدور حول العائلة، وهي الموضوع الوحيد الذي لا أزال أريد الكتابة عنه الآن. تقول جين أوستن في حكمتها الشهيرة: "ثلاث أو أربع عائلات في قرية ريفية هي الموضوع المثالي الذي أود العمل عليه"، وقد كانت محقة في قولها ذلك كما هي حالها في معظم الأمور الأخرى. وتكمن عبقرية إليزابيث جين هاورد في أنها تأخذ هذا المفهوم إلى أبعد من ذلك، من خلال سجلاتها لعائلة واحدة فحسب، تمتد عبر ثلاثة أجيال وعلى مدار عدة عقود، في تسلسل من خمس روايات ساحرة تأسر القارئ. قراءة هذه الأعمال متعة حقيقية، وهي النموذج الأمثل لكيفية تقديم هذا النوع من الأدب بأفضل صورة.
مادلين ثين: حياة بحرية Marine Life لـ ليندا سفيندسن
قرأت "حياة بحرية" عندما كنت في الـ20 من عمري. هذه القصص المترابطة، التي تدور أحداثها في فانكوفر، مدينة طفولتي، تتمتع برشاقة وقوة ودقة تشبه نقش الحجر على الزجاج. منذ ثلاثة عقود، كتبت أليس مانرو عن مجموعة سفيندسن قائلة "جعلتني القصة الأخيرة أرتجف". تلك القصة التي تحمل عنوان "الأكتاف البيضاء"، هي واحدة آمل أن يتذكرها كثير من القراء، فهي قصة مدمرة تتناول الولاء والتواطؤ والحزن.
المصدر: أنابيل نيوجنت - مراسلة اندبندت عربية
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر