الرئيسية - إقتصاد - التنين الصيني يتوقع حدوث تباطؤ في نموه الإقتصادي (تقرير)
التنين الصيني يتوقع حدوث تباطؤ في نموه الإقتصادي (تقرير)
الساعة 12:50 صباحاً (تقرير / المنارة نت /د. يوسف سعيد أحمد)
من الصعب قياس معدلات النمو الاقتصادي لبلد ما على المدى الطويل بشكل دقيق، فالاقتصادي قد يتنبأ ولكن تنبؤاته قد لا تصدق ، لأن التغيرات في وسائل الانتاج التي لا يمكن التنبوء بحجمها ولا بمستوى تطورها ، ستكون كبيرة ومذهلة سواء من واقع التطورات التكنولوجية المتسارعة او الاكتشافات العلمية الجديدة .

هذه التطورات حتما ستغير من طبيعة ومحتوى السلع المنتجة وكذلك من محتوى وطبيعة الخدمات.

عدا عن صعوبة معرفة اثر ما ستفضي اليه التطورات السلبية في العلاقات التجارية الدولية والمنافسة السياسية والعسكرية على مناطق النفوذ التي تأخذ شكل صراع الارادات التي تجري بين اللاعبين الرئيسين وخاصة بين الولايات المتحدة والصين واثر ذلك على الاستقرار والنمو العالمي على المدى المتوسط والطويل .

سياسة الحمائية

لكن الحروب التجارية وسياسات الحمائية تمثل نكوصا وخروج عن المبادىء التي روجتها الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة التي كان واحد من عناوينها فتح الاسواق والسماح بحركة عوامل الانتاج وتعزيز اسس التجارة الحرة والتي افضت في المحصلة الى تحقيق نمو إقتصادي عالمي غير مسبوق ورفعت مستوى الاندماج والتشابك والاعتماد المتبادل بين اقتصادات العالم في ظل قيادة الولايات المتحدة الامريكية للنظام الرأسمالي على اثر انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط حائط برلين وما بعدهما .

لكن في الوقت الراهن كما هو معروف، ادارة ترامب لم تعد تحترم القوانين الدولية لكن في واقع الحال نهم الادارة وقوانينها الحمائية والعقوبات الاقتصادية التي تتخذها ضد الدول التي تعتقد انها منافسة وتهدد مصالحها انما تعكس وبدون رتوش حقيقة الراسمالية المتوحشة بانصع صورها .

محاولة تقويض دور المؤسسات العالمية

ان سياسة الحمائية و محاولة تقويض دور المؤسسات العالمية التي يتعين ان تفصل في الشكاوي و المنازعات التجارية بين الدول والتي اقامها النظام الراسمالي ذاتة برئاسة الولايات المتحدة هذه المؤسسات" كمنظمة التجارة الدولية" التي خلقت اصلا لخدمة النظام الراسمالي والتي اصبحت الادارة الترامبية لاتعترف بمرجعيتها في اتخاذ القرار ان كان لايصب لمصلحتها .

هذه التطورات السلبية في النظام الدولي واستخدام النظام المالي الذي يقع تحت سيطرة الولايات المتحدة لمنع تدفق القروض والتسهيلات الى الدول التي تعارض نهجها في الوقت التي تشكل تهديد للاستقرار الاقتصادي العالمي فانه من المؤكد تضاعف مستوى المخاطر السياسية والاقتصادية وتحد من النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي تضيف صعوبات في التنبؤ عندما يتعلق الامر بمستقبل العالم .

تغيير معادلة القوة

لقد أفضت التطورات الاقتصادية المتسارعة خلال فترة التسعينيات الى تغيير معادلة القوة الاقتصادية وصار واضح ان هذه القوة انتقلت من دول الشمال الى دول "الجنوب " وتحديدا الى آسيا. لكن هذه الحقيقة التي ادركتها الولايات المتحدة بشكل متأخر وادركتها اوروبا ربما مبكرا بحيث باتت الاخيرة تحاول ان تمارس سياسة واقعية تصل حد الاعتراف بأن العالم صار متعدد الاقطاب "فرنسا والمانيا".

بروز المارد الإقتصادي

على رغم الضغوط الامريكية بعد بروز المارد الاقصادي الصيني وتعاظم قوته العسكرية الى جانب روسيا إلا ان الولايات المتحدة تصر على احادية القطب الواحد. ولذلك واحد من اتجهاهات السياسة الامريكية الاساسية العمل بكل قوة لتدنية النمو الاقتصادي الصيني وتثبيطة خاصة بعد نجاح هواوي في تطوير تكنولوجية الجيل الخامس من نظم الانترنت " انترنت الاشياء" والبدء في تطوير الجيل السادس" انترنت كل الاشياء" متفوقة عن الولايات المتحدة وبالتالي على النظام الراسمالي ولهذا عاظمت ادراة ترامب العقوبات الاقتصادية ضد الصين كما هو الحال مع روسيا وهي بهذا تعمل وان بصورة يائسة للاحتفاظ بموقع القوة الاقصادية والعسكرية الاول عالميا وضنان استدامتة.

وعودة الى البدء لا بد من التنويه ان الاقتصاد الصيني امتلك حتى قبل مرحلة التسعينيات قطاع صناعي هائل وعمالة مدربة تتميز بانتاجية عالية وامتلك قدرات تكنولوجية وجاءت العولمة الاقتصادية لتشكل رافد رئيس عزز من النمو الاقتصادي الصيني ومكنها من الوصول الى التكنولوجية الغربية المتقدمة وبهذا تسارع وتيرت النمو في الصين حيث وصل متوسط معدلات نمو الاقتصاد الصيني خلال التسعينيات ال ( 10 % ) اعتمادا على نمو قطاعها الخارجي حيث تكفلت الصين بتوفير النسبة الاكبر من الطلب العالمي حيث كان العالم يطلب السلع والصين تصدر و توفرها وباسعار تنافسية وبجودة عالية.والواقع انه في الوقت الذي اصبح الاقتصاد الاسمي " المالي " في الولايات المتحدة يتطور بمعدلات تفوق باضعاف نمو اقتصادها الحقيقي " انتاج السلع" وتقوم الشركات الامريكية بنقل مصانعها الى الصين مستفيدة من ميزة التكلفة المنخفظة للعمالة واتساع حجم الطلب في سوق صيني تعدادة 1.35 مليار وثلاثمئة وخمسين نسمة كانت الصين في نفس الوقت تراكم من حجم اقتصادها الحقيقي الى الحد ان اطلق على الصين ب " مصنع العالم " .

توقعات البنك الوطني الصيني :

تواصل الصين تنفيذ اصلاحات و اعادة هيكلة اقتصادها سعيا منها لرفع الطلب المحلي وهو طلب هائل . لكنها استنفذت تقريبا اتباع سياسات توسعية بالنظر الى حجم الدين العام المحلي البالغ الضخامة لذلك توقع مستشار في البنك الوطني الصيني وفقاً ل "رويترز " التي نقلت الخبر امس 8 ديسمبر ان يكون النمو السنوي للاقتصاد الصيني ما بين 5 - 6 خلال السنوات 2020-2025 وهذه الارقام المتحفظة تنطلق من واقع الاقتصاد الصيني وربما تفترض الصين بقاء العوامل الخارجية غير المواتية على حالها خلال السنوات الخمس القادمة لان جحم المشكلات السياسية القائمة مع الغرب وخاصة مع الولايات المتحدة كبيرة وهي تتجاوز مسالة معالجة العجز في الميزان التجاري الصيني الامريكي التي تشكو منه الولايات المتحدة .هذه التوقعات في معدلات نمو الاقتصاد الصيني ربما هي الاكثر انخفاظا مقارنة بالسنوات السابقة لكن يجدر التنوية الى ان هذا الوضع لايمثل حالة صينية خالصة فكثير من الدول المصدرة الرئيسة كالمانيا تواجه وضع قريب من الركود في قطاعها الصناعي وتوقعات البنك الدولي بشان حجم النمو العالمي متشائمة للعام 2020 و ربما هي لادنى مقارنة بالسنوات السابقة لان المناخ الاقتصادي العالمي في ضوء التوترات السياسية العالمية غير مشجع لوضع توقعات مرتفعة لمعدلات نمو الاقتصاد العالمي. كما ان الععقوبات الاقتصادية والصراع التجاري وحرب العملات وسياسة الحمائية التي تنتهجها الولايات المتحدة يلقي بثقلة على الدول المصدرة والمستهلكة وعلى لمناخ العام .

الخامات الهيدروكربونية

لذلك من المتوقع ان يبقى الطلب الكلي العالمي عند مستوياته وقد يتباطىء وبالتالي سينخفض الطلب العالمي على السلع الاساسية بما في ذلك على الخامات الهيدروكربونية التي تدنت اسعاره و يشهد منافسة شديدة بين منتجي اوبك + والولايات المتحدة و الذي يمثل سلعة استراتيجية عالمية وبالتالي تاثيرة في معدلات نمو الاقتصاد العالمي.

والجدير بالذكر ان الصين استثمرت اموال ضخمة في الأعوام الأخيرة تربو على ترليون دولار سواء في "طريق الحرير طريق واحد" او في مشروعات اخرى وعوائد مشروعات في البنية التحتية لاتحقق عوائد سريعة بل ان عوائدها طويلة المدى نسبيا ولذلك يتوقع ان تتغير معدلات النمو مابعد 2025 عدا ان الصين ربما تسطيع ان تحافظ على معدلات نمو قريبة من معدلات النمو السابقة عند 6% أو قريب منه .
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص