نبيل الأصبحي
بن دغر .. قلب الوطن وضميره الحي !
الساعة 12:14 صباحاً
نبيل الأصبحي

تعد السنين في عمر الشعوب مساحة زمنية قصيرة ، مهما بلغ رقمها ، مالم تحتوي التاريخ كله ، تاريخ الإنسان في جغرافيا الوطن . 

في ضوء ذلك يحتار المرء ماذا يسمي الأشهر التي تتراوح ما بين الثماني عشرة شهرا التي تشكل عاما ونصف العام بالتمام والكمال تزيد أو تنقص، لكنها تشير إلى عمر حكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر منذ بداية تحمله مسؤولية رئاسة الوزراء ، ورئاسة حكومة الحرب المتعددة الجبهات ، رغم اتسام بعض الظاهر منها بالسلم ، بيد أنه السلم الأمرُّ من الحرب ذاتها لشدة متطلباته ، ومفاجآت تركة السلم بعد الحرب . 

كما أن الجميع يعلم - وبكل يقين - أن بن دغر قد وقف على تركة ثقيلة تسبب فيها العابثون - بعمد - في الحرب والسلم أو في كليهما معا ممن سبقه في تحمل الأمانة الوطنية في تاريخ حساس ومفصلي فلم يؤدها السلف ، بل زاد أن عقّد فيها كل مشهد سواء اقتصادي أو سياسي أو ثقافي اجتماعي ! 

نتيجة ذلك وصل الدكتور أحمد عبيد بن دغر إلى أرض الوطن بعد تعيينه مباشرة ليجد أرضا ليس للشرعية فيها من حضور يذكر، ومجتمعا تائها بعد حرب شرسة أكلت أخضره ويابسه في الجنوب ، وشطره الآخر التهمت ميليشيا الانقلاب والإرهاب الحوثي بقيته في الشمال، وأهلكت الحرث والنسل في حروبها ومغامراتها ضد الشعب شمالا وجنوبا، في حين كانت الجغرافيا مقسومة بين حرب وسلم أعقب تحرير ، لكن في كلا الحالتين لا يختلف الهم الوطني ، ولا حجم التحديات التي تواجه الشعب تحت سماء اليمن من المهرة الى حجة ، ومن سقطرى الى صعدة، ومن المكلا الى الحديدة ومن تعز الى شبوة ومن عدن حتى مأرب والجوف .. 

كل هذا الواقع القاسي شديد القتامة للمشهد اليمني لم يحبط الإداري ذي الخبرة ، النجيب ابن حضرموت الذي قبل التحدى ، لكن بصدر رحب ، يعلم في النهاية أن هذا وطنه ، ولو تخلى هو عن المسؤولية فسوف يفتح باب إعذار من سبقه ومن سيلحقه إن تخلى هو الآخر عن هذه المسؤولية التاريخية ، وبالتالي سيسجل موقف استسلام مبكر لسياسة الأمر الواقع التي يريد فرضها الانقلابيون بعنفهم ضد الشعب والوطن والإرادة الجمعية للإقليم والمجتمع الدولي ، ومن وراء الاستسلام للميليشا الانقلابية استسلام مذل لإيران ! وبنظرة خاطفة للمساحة الزمنية منذ ذلك الحين إلى وقتنا الراهن نجد أن ما أنجز يعتبر بحق معجزة مذهلة فهناك اليوم دولة تتحمل المسؤولية ومشاريع لا يستهان بها ، ولا تكفي مجلدات للإشارة إليها بالمرور سريعا ، لكن يلمسها المواطن ، ويعترف بها المنصف ، ويكفي للتذكير بها أن عدن تزينها أضواء الشوارع بالكهرباء العمومية التي ظلت محرومة منها العاصمة المؤقتة ثلاث سنوات ، والموظفون يستلمون مرتباتهم ، وصور رموز الشرعية تزين المكاتب واعلانات الشوارع ، ونعمة الأمن عادت بعد طول غياب ، وشعر الناس في ظل شرعيتهم بأن أما حنونا احتضنتهم من جديد بعد طول حرمان وغياب ، وهناك مؤسسات للدولة تخدم المواطنين ، وتتبع الحياة في المدن لتمتد الى أريافها ، وكل أجزاء المحافظات .. 

باختصار عادت لليمن دولة لم يفلح غير بن دغر في تقديم خدماتها للمواطنين الذين يؤمن بن دغر أنهم يستحقون أكثر لو لم تحاربه وحكومته عشرات القوى المحلية والاقليمية ومن ورائها ماوراءها ، كل ذلك حقدا على اليمن واليمنيين اكثر من حسدها وحقدها على "ابن اليمن" بن دغر ذاته !! 

فأي معجزة صنعها من واجه وما يزال يواجه كل التحديات الجسام ، ويختلق له شانئوه كل تلك العقبات والمصاعب والأزمات والمصائب ، وليس آخرها الحرب الاقتصادية ، وحرب إرخاص سعر العملة الوطنية التي فطن بن دغر إلى اللعبة الخطيرة فيها فخاطب الرئيس هادي حينما اتخذ الأمر منحى خطيرا يتعلق بمعايش الشعب ومسألة حياته أو موته جوعا وبكل بشاعة !! فاتخذ حينها قرار اطلاق صرخة التحذير في واد سحيق للوطن كما عنون أحد الكتاب مقاله بالأمس .. فإما استشعر الجميع - بمسؤولية - وكل حسب موقعه - ذلك الخطر ، أو فالعواقب وخيمة ، ولن يقف الدكتور بن دغر موقف المتفرج على وطن ينهار ، وشعب يذبحه الجوع في لحظة فارقة مايزال الشعب قاب قوسين أو أدنى من النصر الكبير !! 

وكالمعتاد ، ينجح بن دغر في العبور بسفينة الوطن إلى بر أمان أرحب ، وبرعاية كاملة من ربان السفينة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية .، لتثمر جهودهما وتحركاتهما معا في إنقاذ العملة الوطنية ، وتلافي زلزال عميق في مركز الجزيرة العربية ، ستكون - لولا لطف الله وعنايته ، ثم للوديعة السعودية - آثار ، وزلازل ارتجاعية على كل دول المنطقة إن سمحت دول الخليج الشقيقة بحدوث مجاعة في اليمن لا قدر الله . 

بهكذا حس عال ، ومسؤولية عميقة ، وسياسة فذة وفريدة يعالج بن دغر القضايا الجسام لوطن تسبب الانقلاب فيه بكوارث ونكبات متلاحقة ، لكن الدكتور بن دغر يواجهها بقلب محب ، وعقل حكيم ، وروحٍ يحمل قلبه فيها هموم الوطن بأسره ، مستشعرا كل هم للمواطنين فردا فردا ، في كل شبر من أرض اليمن الحبيب إلى قلبه ، والذي يعشقه هذا الحضرمي الأصيل اتحاديا واحدا وموحدا ، وبمسؤولية راح يبني فيه مداميك القوة ليغدو الوطن عزيزا كما يرجو ويأمل ويعمل له رئيس السلطة التنفيذية .. ومزدهرا كما ينشد ويسعى بجهد واجتهاد، واتحاديا كما يؤمن ، ويعمل ، مستلهما من توجهات وتوجيهات القيادة السياسية بقيادة فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ما يعينه ويسنده في إطار قضية اليمن الكبرى التي هي في الوقت الراهن استعادة المؤسسات ، وتطبيع الحياة خدمة للمواطن اليمني الكريم ، في كل شبر غال من الوطن يتم تحريره ، وخدمة للمواطن الكريم أيضا في مناطق سيطرة الانقلابيين لأن قلبه بحجم وطن ، وضميره يستوعب كل جغرافيا اليمن الاتحادي الكبير ، ومن على هذه الجغرافيا .