
دمَّرت إسرائيل في موجة تاسعة من ضرباتها الانتقامية ضد اليمن، آخر طائرة مدنية تحتجزها مليشيات الحوثي الإرهابية، في مطار صنعاء الدولي، رداً على استدعاء المليشيات لهذه الضربات، من خلال هجماتها غير المجدية لمطار بن غوريون الإسرائيلي.
وأثار الاستهداف الإسرائيلي لمطار صنعاء وتدمير الطائرة الأخيرة المُخصصة لنقل الحجاج والمرضى والطلبة والمسافرين، حسرة واسعة في أوساط اليمنيين الذين حملوا مليشيات الحوثي، مسؤولية استدعاء انتقام تل أبيب.
واعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فرض حصار جوي وبحري على جماعة الحوثي، وقال إن الموانئ الخاضعة للحوثيين «ستستمر في التعرُّض لأضرار جسيمة»، وإن مطار صنعاء «سيتم تدميره مراراً وتكراراً»، وكذلك البنى التحتية الاستراتيجية الأخرى في المنطقة التي يستخدمها الحوثيون.
وقال حجاج ومسافرون يمنيون، أنهم لا يستبعدون مطلقاً وجود نوايا مبيتة لدى مليشيات الحوثي الإرهابية، لاستدعاء هذه الضربات، وتدمير رابع طائرة للخطوط الجوية اليمنية، في مطار صنعاء الدولي، رغم تحذيرات الحكومة الشرعية، للمليشيات من بقاء الطائرة رابضة في المطار، ومطالبتها للحوثيين بنقل تلك الطائرة إلى أي مطار آخر في اليمن أو أي دولة عربية، تجنبا لتدميرها.
وأوضح أحد الحجاج اليمنيين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بأن مليشيات الحوثي استبقت الغارات الإسرائيلية الأخيرة على مطار صنعاء، بشن حملات إعلامية تطالب اليمنيين بعدم التوجه لأداء فريضة الحج هذا العام، وتخصيص الأموال المُخصصة لذلك، لدعم «القوة الصاروخية» و«الطيران المسير» بغية ما اسمته «استمرار استهداف إسرائيل» تحت مزاعم «مساندة غزة».
وأفاد الحاج اليمني، الذي طلب إخفاء اسمه، بأنه سبق أن عرقلت الجماعة في العام الماضي، الترتيبات الخاصة بسفر الحجاج جواً من صنعاء، بعد منعها وكالات حج من أداء دورها، وممارسة الضغط والابتزاز بحق الحجاج المسجلين عبرها، ومنعها من تسديد ثمن تذاكر الطيران بغرض السطو على تلك المبالغ؛ ما ترتب عليه حرمان كثير من اليمنيين من فريضة الحج.
وحمل سكان في صنعاء، جماعة الحوثي، المسؤولية عن إعاقة سفر الحجاج والمرضى وغيرهم إلى الخارج عبر استدعاء الغارات الإسرائيلية لاستهداف مطار صنعاء وتوقيفه عن العمل، دون اكتراث للمعاناة والخسائر المادية التي يكابدها المسافرون.
مسؤولية حوثية
أفاد سليمان، وهو نجل حاج يمني من صنعاء، لـ «الشرق الأوسط»، بإصابة والده بالذعر والفزع الشديدين لدى حدوث الغارات على مطار صنعاء، أثناء ما كان على متن سيارة أجرة بالقرب من المطار قادماً من منزله لغرض السفر للأراضي المقدسة.
ويؤكد سليمان أن حالة الهلع انتابت أيضاً أفراد عائلته على مصير والده (75 عاماً) لحظة تلقيهم أخباراً باستهداف المطار.
واضطر والد سليمان لبيع قطعة أرض بضواحي صنعاء، حتى يتمكن هذا العام من تأدية فريضة الحج، لكن الحلم الذي ظل يراوده لسنوات عدة، سرعان ما تلاشى نتيجة التصعيد العسكري الحوثي واستدعاء الغارات الإسرائيلية.
ورداً على ذلك، حملت وزارة الأوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية المعترف بها، في بيان لها، جماعة الحوثي الإرهابية، مسؤولية تدمير أسطول شركة الخطوط الجوية اليمنية.
وأكدت الوزارة ، أن مليشيات الحوثي عرقلت ترتيبات سفر الحجاج وعرضت سلامتهم للخطر، بسبب سياساتها ورفضها نقل الطائرات المحتجزة إلى مطارات آمنة، رغم الجهود الحكومية والمساعي الإقليمية المتواصلة بشأن ذلك.
وبينما تمضي الوزارة بإجراءات نقل من تبقى من الحجاج اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية عبر منفذ الوديعة، يقول سليمان إن والده قرر العودة إلى المنزل عقب استهداف مطار صنعاء، وإن عائلته رفضت سفره عبر منفذ الوديعة ثم إلى الأراضي المقدسة، بسبب عدم مقدرته تحمل مشقة وعناء السفر، خصوصاً أن المنفذ يشهد حالياً ازدحاماً كبيراً.
الأكثر تضرراً
يؤكد حقوقيون يمنيون بصنعاء أن الفئة الأكثر تضرراً من توقف مطار صنعاء هم آلاف اليمنيين المصابين بأمراض خطيرة، ويحتاجون للعلاج المنقذ للحياة في الخارج، إلى جانب الحجاج والمعتمرين والطلبة الدارسين في الخارج.
ويُحمل عبد الله، وهو من سكان ضواحي صنعاء، وأب لولد مريض بالسرطان، قادة الجماعة الحوثية مسؤولية حياة ابنه (19 عاماً) الذي يصارع حالياً المرض الخبيث.
وأرجع عبد الله، سبب معاناته وابنه إلى تأخر سفرهم إلى الأردن، ثم إلى مصر لتلقي العلاج، إثر تدمير آخر طائرة في صنعاء وإيقاف شركة الخطوط الجوية اليمنية رحلاتها.
وكانت إسرائيل، دمَّرت في 6 مايو (أيار) الحالي، ثلاث طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية، احتجزتها المليشيات في مطار صنعاء الدولي، في حين نجت الطائرة الرابعة التي دمرت لاحقا، لوجودها آنذاك في مطار بالأردن.
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر