الرئيسية - محليات - اليمن ومصر.. علاقات تاريخية وروابط استراتيجية
اليمن ومصر.. علاقات تاريخية وروابط استراتيجية
الساعة 12:05 صباحاً (تقرير / المنارة نت)

تتميز العلاقات اليمنية المصرية، بكونها قديمة للغاية، ولعل من أقدم الشواهد الذي يشير إلى تواصل البلدين، كان تلقي الإمبراطور المصري تحتمس الثالث ، هدية من تجار سبئيين، وكان اليمن المورد الرئيس للبخور إلى المعابد المصرية القديمة.

كما تتميز العلاقات اليمنية المصرية ، بخصوصية ، قلما نجدها في العلاقات الدولية الثنائية ، وهي خصوصية‏ تجعل هذه العلاقات قادرة على الاحتفاظ بطابعها الخاص ، في مواجهة الكثير من المتغيرات والتطورات على واقع العلاقات الدولية، وتشكلت هذه الخصوصية في العلاقات اليمنية المصرية ،من تداخل عدة عوامل ارتباط ،أبرزها العامل التاريخي والثقافي، والعامل الاستراتيجي والأمن.

وتستند العلاقات بين البلدين الشقيقين، الى تراكم حضاري وتاريخي كبير، ومواقف وتفاعل متبادلين ومتواصلين ، بين قيادتي وحكومتي وشعبي اليمن ومصر، وهذا نتيجة حتمية للعديد من الحقائق والوقائع السياسية والثقافية والاقتصادية والجغرافية.

وأكدت الخبرة التاريخية للعلاقات اليمنية المصرية، وجود نمط ثابت حكمها في الماضي وما زال يحكمها في الحاضر، اذ لعبت مصر كدولة وكشعب وكجغرافيا ، أدورا أساسية ومهمة في التاريخ اليمني، لعل أبرزها دورها في دعم الثورة اليمنية (26 سبتمبر 1962 - و14 أكتوبر 1963) ماديا ومعنويا، والذي وصل إلى حد المساهمة بالدم والمال والسلاح، وقد كان هذا الدعم حاسما في انتصار وصيانة وبقاء النظام الجمهوري، ودحر الاستعمار البريطاني من اليمن.

من ناحية اخرى، كانت مصر بحجمها وبواقعها الجغرافي والثقافي والسكاني، مرتكزا حضارياً أساسيا في المنطقة العربية، ومنبعا حضاريا وثقافيا استقت منه بقية دول المنطقة ومنها اليمن ، وتعد العلاقات الثقافية، احد ابرز عوامل الارتباط بين اليمن ومصر، وهي علاقات كانت دائما بعيدة عن تأثير الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية، فقد حافظ الاتصال الثقافي بين اليمن ومصر على مستوياته المرتفعة وعلى تأثيره على علاقات الشعبين وعكس نفسه ولو بدرجة قليلة على علاقة البلدين السياسية.

ويظل البعد الاستراتيجي والأمني، العنصر الأساسي ونقطة الارتكاز، ومحور أهمية العلاقات اليمنية المصرية، فالبلدين يمسكان بالبوابتين الشمالية والجنوبية للبحر الأحمر، وبذلك فهما يمتلكان مفتاحي طريق التجارة الدولية المؤدي إلى 65 بالمائة من مخزون موارد الطاقة العالمية، وجعل هذا النوع من الارتباط بين اليمن ومصر، الوظيفة الأمنية هي الركيزة الأساسية للعلاقات بين البلدين، فأي حدث يشهده اليمن ينعكس بالضرورة وبطريقة أو بأخرى وبدرجة أو باخرى على مصر والعكس صحيح، وأي تدهور أو تراجع في العلاقات اليمنية المصرية، سيترتب عليه اضرارا وتهديدا للأمن القومي اليمني والمصري.

وبناء على هذا الارتباط، سارت العلاقات السياسية بين اليمن ومصر بثبات ،على الرغم من الاهتزازات والاختلالات التي مرت بها ، اذ سرعان ما تعود الى طبيعتها بمجرد زوال لمؤثرات الخارجية التي عكرتها ، فقد مرت علاقات البلدين بمراحل مختلفة وبتقلبات عديدة الا انها ظلت تحت سقف واحد لم تتجاوزه، اذا لم يحصل أي انقطاع في الاتصالات السياسية بين البلدين على مختلف المستويات، وهذا ما تؤكده القفزات النوعية المفاجئة، على طريق العلاقات الثنائية بين البلدين.

وقد عكس الثبات الاستراتيجي الذي تتمتع به العلاقات اليمنية المصرية، عكس نفسه ، من خلال العديد من المواقف ، فالمصريون ضحوا بأمنهم من أجل الثورة اليمنية ، واليمنيون ضحوا بأمنهم في باب المندب وأغلقوه في حرب 1973، وكان لليمن موقف مع مصر اثناء فترة المقاطعة العربية لها بعد مؤتمر بغداد، فقد رفضت اليمن هذا الامر مصرة على انه لا ينبغي أن تنعزل مصر عن الجسد العربي، وظلت علاقات البلدين ممتازة ، حتى عادت مصر الى الحظيرة العربية ، ونسق البلدان مواقفهما وسياساتهما ، سواءاً على مستوى اللجان المشتركة، أو الرؤية اليمنية المصرية حول البحر الأحمر.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر