الرئيسية - محليات - انقطع راتبه وأدخلته الدورات الثقافية الحوثية في حالة اكتئاب..معلم ينهي حياته بطريقة مأساوية في إب
انقطع راتبه وأدخلته الدورات الثقافية الحوثية في حالة اكتئاب..معلم ينهي حياته بطريقة مأساوية في إب
الساعة 09:27 صباحاً (المنارة نت .متابعات)

لم يكن يدر بخلد أحد ممن يعرفه، أنه سينتهي به الحال للتخلص من حياته على النحو الذي آل إليه، المعلم "هيثم محمد الكبسي"، بعد سنوات من العمل التربوي في محافظة إب الخاضعة لسيطرة مبلبشيا الحوثي منذ سنوات.

في السابع من الشهر الجاري كانت الفاجعة، حيث أنهى الكبسي حياته بعد سنوات من المعاناة، في مشهد مروع لأسرته وكل أبناء منطقة "ظلمةفي مديرية حبيش، شمال مدينة إب.

الكبسي، كان يعمل معلما في مدرسة "أبو موسى الأشعري"، في حبيش، حسب السكان الذين قالوا إنه "ظل نموذجاً للمعلم المنضبط والحامل لرسالته بأمانة واقتدار، ويحظى باحترام وتقدير عاليين في أوساط طلابه وأبناء المنطقة التي يعمل فيها وكل من يعرفه عن قرب"، غير أن مسيرته التي انتهت بفاجعة تختصر الوضع الذي تعيشه معظم فئات المجتمع التي طحنتها الحرب، وعلى نحو خاص المعلمين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، حيث تتواصل معاناتهم جراء قطع مرتباتهم منذ أكثر من ست سنوات على التوالي.

الساعات الأخيرة

في تفاصيل الساعات الأخيرة من حياة المعلم الكبسي يقول مواطنون من أبناء المنطقة إن زوجته غادرت باتجاه منزل عمها "والد زوجهاكي تقوم بطهي الطعام، بعد انعدام مادة الغاز من منزلهم وعجز زوجها عن شراء اسطوانة الغاز، غير أن "هيثمكان رأسه يقدح بالأفكار الغريبة والتي قادته للذهاب إلى منزل عمه "والد زوجته" بمنطقة "ظلمة" والتي كان لها هنا من الإسم نصيب، إذ أظلمت عليه متاعب الدنيا وضغوطاتها وقساوتها، فلم يرى من شيء أمام سوى السلاح المعلق في منزل عمه ليأخذه ويعود مسرعا صوب منزله، ليطلق الرصاص على نفسه، في لحظات جلبت الظلام والحزن معا للمنطقة.

ووفق السكان فقد حاول الأستاذ هيثم، مقاومة الظروف القاهرة التي أحاطت به وبغيره من المعلمين، بكافة الوسائل الممكنة، ووصل إلى مرحلة صادمة غيرت حياته بشكل كلي، قادته للتخلص من الحياة ككل، بإطلاق الرصاص على نفسه.

زميل يتحدث عنه

المعلم "محمد الحبيشي" تحدث بمرارة عن زميله "هيثم" والدموع تكاد تنهمر من عينيه، يقول "لا أصدق حتى اللحظة ما سمعته ولا أستطيع تخيله، فما عرفنا الأستاذ هيثم إلإ صاحب همة واجتهاد وكفاءة عالية أجبر الجميع على احترامه، غير أن ما يعيشه المعلم في كل المحافظات تجعل ما لا تتوقعه أو لا تصدقه يتحول لواقع مؤلم".

الأستاذ الحبيشي، أكد أن زميله، يعتبر شاهد حي على وجع ومعاناة المعلمين الذين قطعت مرتباتهم بدون مبررات واقعية، سوى الانتقام من المعلم والعملية التعليمية برمتها، إذ يشير إلى أن العلم عدو حقيقي للمشاريع التي تسيطر على البلاد، ولذلك تعرض المعلم الذي يقول بأنه حجر الزاوية في بناء الأوطان، لحرب مقصودة وممنهجة لم يكن فيها الراتب سوى جبهة ظاهرة ومؤلمة بذات الوقت.

وأشار الحبيشي الى تعرض المعلم للعديد من الانتهاكات المختلفة، والتي من بينها الإعتداءات المتكررة لكل من هب ودب حتى صار المعلم يضرب أمام طلابه في مشهد قال بأنه يختصر وضعا قاسيا يعيشه المعلمون، لافتا إلى طردهم من منازلهم لعجزهم عن دفع ايجاراتهم وإخراج أبنائهم من الجامعات والمدارس لعجزهم أيضا عن سداد الرسوم المفروضة عليه، وصولا إلى عجزهم عن توفير لقمة العيش لأسرهم.

لجأ المعلم "هيثم محمد عبدالله الكبسي" للعمل كسائق سيارة، بحثا عن مصدر رزق لإعالة أسرته، غير أن التحول للعمل كسائق بجانب مهنة التدريس لم يكن كافيا لإحداث تغيير حقيقي في حياة المعلم المكافح بحثا عن حياة كريمة توفر له أبسط حقوقه المعيشية.

ومع عملية الاستقطاب الحوثية التي تقوم بها عناصر في مختلف المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، حاولت معه مليشيا الحوثي وعرضت عليه العمل معها لكن مطالبهم تلك قوبلت بالرفض الذي لم يصمد طويلا، خصوصا وأن عددا من أفراد أسرته الهاشمية انخرطوا مع المليشيا وتغيرت حياتهم للثراء اللافت، وفق الأهالي الذي قالوا إن التربوي هيثم استسلم لعملية الاستقطاب التي ظن أنها يمكن أن تقيه تبعات الوضع المعيشي الذي يكابده، لتدخله مليشيا الحوثي دورات طائفية لتغيير قناعاته وأفكاره، غير أنه لم يكن على قناعة بمحتوى ما يتم في تلك الدورات، الأمر الذي قاده لصراع داخلي انعكس على حياته عقب العودة من تلك الدورات، لتتحول شخصيته ونفسيته على النقيض تماما عمّا كانت عليه من قبل.

رواية صديق له

يقول أحد أصدقاء هيثم، الذي يعرف تفاصيل حياته، بأنه لم يقتنع بالكم الهائل الذي تعرض له أثناء الدورات، وهو ما أبانت عنه صفاته التي تغيرت بشكل كلي، مضيفا بأنه لم يعد يتكلم مع أحد ممن يعرفه ومن أقاربه وصار يفضل السكوت وتراه مهموما ومغموما طوال وقته.

وأكد رفيقه أن بعضاً ممن يعرفه تحدث عن حالة اكتئاب أصابت الأستاذ هيثم، وأنه بحاجة لطبيب نفسي، ينتشله من الوضع الذي صار إليه، غير أن تلك الأحاديث ظلت همسا دون الإفصاح عنها أو ترجمتها لواقع يساهم في إنقاذه من المصير الذي انتهى إليه.

وخلال سنوات الحرب ونتيجة قطع المليشيا الحوثية للمرتبات، لجأ العديد من المعلمين لوسائل أخرى بديلة لإعالة أسرهم، غير أن الغالبية منهم لم يتمكن من الحصول على وسيلة مناسبة وبعضهم وجد وسائل لم تقهم تبعات الإنهيار الاقتصادي.

اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر