الرئيسية - إقتصاد - هل تستطيع روسيا والصين مواجهة هيمنة الدولار الأمريكي؟
هل تستطيع روسيا والصين مواجهة هيمنة الدولار الأمريكي؟
الساعة 03:42 مساءاً (المنارة نت/ متابعات)

«إذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية البقاء على رأس النظام الدولي، يتعين عليها مواجهة الجهود المتنامية التي تبذلها كل من الصين وروسيا من أجل تقويض الهيمنة المالية العالمية لواشنطن»..

تحذير أطلقه موقع «ناشونال إنترست» الأمريكي أخيراً في مقال أشار إلى ما وصفه بـ «الحرب» التي بدأت على الدولار الأمريكي من جانب موسكو وبكين. أبرز المقال الارتباط التاريخي بين القوتين المالية والجيوسياسية، وأن أي تأثير على أي منهما يؤثر بالضرورة على الآخر. 

ليست خفية التحركات الروسية الصينية في هذا الإطار، فقد دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيراً إلى «التخلي عن الاعتماد على الدولار»، كما سبق وأن وصف العملة الأمريكية بأنها «غير مضمونة».

وقد سرّعت الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المتزامنة من الحرب تجاه الدولار، بما يثير قلق صانعي القرار بالولايات المتحدة، جراء التحديات الناجمة عن التقارب الصيني الروسي ومحاولات البلدين استقطاب عديد من الدول للاعتماد على «البديل» عوضاً عن الهيمنة الأمريكية، بما يعكس جملة المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، والتي تمهد الطريق لنظام جديد يتشكل بقواعده السياسية والمالية التي تهدد عرش واشنطن.

أبعاد سياسية

وفي السياق، يقول أستاذ الاقتصاد الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لـ «البيان» إن كسر هيمنة الدولار «ليس في يوم وليلة كما يتصور البعض.

ولا يتوقف الأمر عند حدود الصين وروسيا فقط، ذلك يتطلب دخول أطراف أخرى متعاونة ذات ثقل سياسي واقتصادي يمكنها التأثير على الدولار كعملة أساسية، موضحاً أن المسألة لا ترتبط بالأبعاد الاقتصادية فحسب، بل إنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأبعاد السياسية ووضع الولايات المتحدة كقوة رئيسية في العالم».

ويتابع: «المحاولات الروسية الصينية الأخيرة يمكنها التأثير في تقليل الاعتماد على الدولار في بعض المعاملات، وذلك من خلال الاتفاق على الاعتماد على استخدام العملات الوطنية مع شركائهما التجاريين، لكن في نهاية الأمر لا يمكن أن يشكل ذلك ما يمكن وصفه بكسر هيمنة العملة الأمريكية».

ويلفت إلى أن عدداً من الدول اتجهت إلى الاعتماد على سلة من العملات، حتى لا تقع تحت رحمة الدولار، وبشكل خاص مع اتجاه الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة في الفترات الأخيرة لكبح جماح التضخم. ويشير الإدريسي إلى أنه حتى في ضوء الحديث عن نظام دولي جديد ونظام اقتصادي جديد، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تظل هي صاحبة الاقتصاد الأقوى على مستوى العالم.

وليس من السهولة بمكان استبدال الدولار في ظل هيمنة الولايات المتحدة سياسياً واقتصادياً وسيطرتها «الأمر يتطلب عدداً من الدول لديها القدرة السياسية والاقتصادية لمواجهة التدخلات الأمريكية». ويلفت إلى أن فكرة انهيار أمريكا اقتصادياً وكسر هيمنة الدولار عادة ما تبزغ في فترات مختلفة، مثلما يحدث الآن ومثلما أشيع في العام 2008 على سبيل المثال.

هيمنة واحتكار

بينما في تصور رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، الدكتور خالد الشافعي، فإن «ما يحدث الآن من جانب كل من روسيا والصين (ومن بينها تحويل مدفوعات إمدادات الغاز الروسية إلى الصين لليوان والروبل بدلاً من الدولار) يشكل بداية كسر احتكار وهيمنة الدولار على كل الأسواق وكل المعاملات الدولية التي كانت تتم؛ ذلك بدليل استجابة البنوك المركزية ببعض البلدان لإدخال العملة الروسية والصينية كعملة للتبادل التجاري بينها وبين دول العالم، وهو أول طريق كسر هيمنة الدولار على الأسواق الخارجية أو العالمية».

ويعتقد بأن «الطريق سهلة وميسرة لإعادة تموضع العملات الأخرى ليكون لها نصيب مناسب طبقاً لنسبة استحواذ دولها بالتجارة الدولية، من إجمالي حجم التجارة الدولية، يكون ذلك النصيب متسقاً مع مدى قوة وحجم التبادل التجاري بين روسيا وكافة الدول المتعاملة معها، والصين والدول الأخرى بحيز التجارة الدولية، بما ينتقص من هيمنة الدولار».

دلالات سياسية

ويشير الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ«البيان» من العاصمة المصرية، إلى الدلالات السياسية لمساعي كسر هيمنة الدولار وارتباط ذلك بوضع الولايات المتحدة ومكانتها في العالم، موضحاً في الوقت نفسه أنه «نتيجة التغير والتذبذب والتوترات السياسية بين أوكرانيا وروسيا، وما أحدثته العقوبات الأمريكية الغربية على موسكو، ثم التوترات بين أمريكا والصين بشأن تايوان، كل تلك العوامل حفزت مساعي مواجهة هيمنة الدولار».

ويتوقع رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، بأن تكون هناك عديد من الأبعاد الاقتصادية التي تصب في صالح كل من الصين وروسيا مع تفاقم التوترات والقلاقل والتغيرات الجيوسياسية في العالم، والتي لها أبعاد اقتصادية مؤثرة توظفها بعض الدول مثل بكين وموسكو.

وقد عملت روسيا على عددٍ من المستويات، لا سيما منذ ضمها شبه جزيرة القرم في العام 2014، من أجل مواجهة هيمنة الدولار، من بينها تخفيض الاعتماد على الدولار في الاحتياطي النقدي واستبدال اليوان واليورو به.

فضلاً عن إبرام اتفاقات مع عدد من الدول التي ترتبط معها بعلاقات تجارية، من أجل منح الأولوية للعملات المحلية عوضاً عن الدولار، جنباً إلى جنب وتقليل الاعتماد على نظام المدفوعات الدولية، وذلك بعد أن أنشأت موسكو نظاماً خاصاً وكذلك بديل نظام سويفت العالمي.

لا تأثير

من جانبه، يستبعد الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، وهو رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إمكانية أن يكون لتلك التحركات الروسية والصينية أثر يُمكن وصفه بـ«كسر هيمنة الدولار» على التجارة الدولية، إنما يُمكن أن تشكل «تأثيراً نسبياً محدوداً»، بينما على الجانب الآخر يعتقد بأنه «لا تستطيع أي من القوى كسر هيمنة الدولار، باستثناء دول الخليج الغنية بالنفط».

ويستدل عبده على ذلك بقوله إنه «رغم التحركات الأخيرة والقرارات الروسية والصينية الهادفة لمنافسة الدولار، إلا أن العملة الأمريكية لا تزال تحافظ على اتجاهها (بلغت أعلى مستوى لها منذ 20 عاماً أخيراً) دون أن تتأثر بتبعات القرارات الروسية»، موضحاً أن الانعكاسات الاقتصادية للعملية الروسية في أوكرانيا وما يصاحبها من تداعيات إنما تستفيد منها الولايات المتحدة والدولار الأمريكي بشكل مباشر.

ويردف: «رغم التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا، فإن واشنطن هي أكبر المستفيدين، لجهة تصديرها الغاز لأوروبا عوضاً عن جزء من الغاز الروسي، وهو ما يعزز موقف الدولار (الذي يستقر عند مستوى التكافؤ مع اليورو) وسط خسائر تشهدها العملة الأوروبية».

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص